للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثًا - ويسميه الحنابلة بيع الأمانة: قال في كشاف القناع: بيع الأمانة هو الذي مضمونه اتفاقهما أي اتفاق البائع والمشتري على أن البائع إذا جاء بالثمن أعاد إليه المشتري ملك ذلك ينتفع به أي بالملك المبيع المشتري بالإجارة والسكنى ونحو ذلك كركوب ما يركبه أو حلبه (١) .

وقال في رد المحتار: سماه الشافعية بالرهن المعاد، ويسمى في مصر بيع الأمانة وبالشام بيع الإطاعة (٢) .

حكمه:

اختلف الفقهاء في حكم بيع الوفاء اختلافًا كثيرًا حتى بلغت في المذهب الحنفي تسعة أقوال وخلاصة ما ذكر فيه:

أولًا: إن بيع الوفاء بيع باطل وهو رهن حقيقة يأخذ أحكام الرهن، قال في درر الحكام لملا خسرو: قال الشيخ الإمام نجم الدين النسفي في فتاواه: البيع الذي تعارفه أهل زماننا احتيالًا للربا وسموه بيع الوفاء هو في الحقيقة رهن وهذا المبيع في يد المشتري كالرهن في يد المرتهن لا يملكه ولا يطلق له في الانتفاع إلا بإذن مالكه وهو ضامن لما أكل من ثمره واستهلكه من شجره والدين يسقط بهلاكه إذا كان به وفاء بالدين ولا ضمان عليه بالزيادة إذا هلك عن غير صنعه وللبائع استرداده إذا قضى دينه لا فرق عندنا بينه وبين الرهن في حكم من الأحكام نقل ابن عابدين في حاشيته عن الخيرية: والذي عليه الأكثر أنه رهن لا يفترق عن الرهن في حكم من الأحكام.

قال السيد الإمام: قلت للإمام الحسن الماتريدي: قد فشا هذا البيع بين الناس، وفيه مفسدة عظيمة. وفتواك أنه رهن وأنا أيضًا على ذلك فالصواب أن نجمع الأئمة ونتفق على هذا ونظهره بين الناس. فقال: المعتبر اليوم فتوانا وقد ظهر بين الناس فمن خالفنا فليبرز نفسه وليقم دليله، واستدلوا عليه بأن المتعاقدين وإن سمياه بيعًا لكن غرضهما الرهن والاستيثاق بالدين، فإن البائع يقول لكل أحد بعد هذا العقد: رهنت ملكي لفلان، والمشتري يقول: ارتهنت ملك فلان والعبرة في التصرفات للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني فإن أصحابنا قالوا: الكفالة بشرط براءة الأصيل حوالة، والحوالة بشرط أن لا يبرأ كفالة والاستصناع الفاسد إذا ضرب فيه الأجل سلم ونظائره كثيرة.


(١) كشاف القناع: ٣/١٤٩.
(٢) ٥/٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>