للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن جزي: المنفعة في الرهن للراهن، فإذا اشترطها المرتهن جاز إن كان الدين من بيع أو شبهه ولم يجز إن كان سلفًا، لأنه سلف جر منفعة، فإن لم يشترطها المرتهن ثم تطوع له الراهن بها لم يجز لأنها هدية بديلة (١) .

وقال ابن رشد: والجمهور على أنه ليس للمرتهن أن ينتفع بشيء من الرهن، وقال قوم: إذا كان الرهن حيوانًا فللمرتهن أن يحلبه ويركبه بقدر ما يعلفه وينفق عليه وهو قول أحمد وإسحاق واحتجوا بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الرهن محلوب ومركوب) (٢) .

وفي المغني: ليس للراهن الانتفاع بالرهن باستخدام ولا سكنى ولا غير ذلك ولا يملك التصرف فيه بإجارة ولا إعارة ولا غيرهما وبغير رضا المرتهن، وبهذا قال الثوري: وأصحاب الرأي، لأنها عين محبوسة فلم يكن للمالك الانتفاع بها كالمبيع المحبوس عند البائع على استيفاء ثمنه.

وقال مالك وابن أبي ليلى والشافعي وابن المنذر: للراهن إجارته وإعارته مدة لا يتأخر انقضاؤها عن حلول الدين، وهل له أن يسكن بنفسه؟ على اختلاف بينهم فيه، وليس له إجارة الثوب ولا ما ينقص بالانتفاع وبنوه على أن المنافع للراهن لا تدخل في الرهن ولا يتعلق بها حقه (٣) .

ثم قال: فإن المتراهنين إذا لم يتفقا على الانتفاع بها لم يجز الانتفاع بها وكانت منافعها معطلة، فإن كانت دارًا أغلقت، وإن اتفقا على إجارة الرهن أو إعارته جاز ذلك (٤) . أما بالنسبة للمرتهن، فقد قال: إن ما لا يحتاج إلى مؤونة كالدار والمتاع ونحوه فلا يجوز للمرتهن الانتفاع به بغير إذن الراهن بحال، لا نعلم في هذا خلافًا لأن الرهن ملك الراهن فكذلك نماؤه ومنافعه فليس لغير أخذها بغير إذنه، فإن إذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بغير عوض وكان دين الرهن من قرض لم يجز لأنه يحصل قرضًا يجر منفعة وذلك حرام.

قال أحمد: أكره قرض الدور والربا المحض، يعني: إذا كانت الدار رهنًا في قرض ينتفع به المرتهن، وإن كان الرهن بثمن مبيع أو أجر دار أو دين غير القرض فأذن له الراهن في الانتفاع جاز ذلك.

روى ذلك عن الحسن وابن سيرين وبه قال إسحاق.

فأما إن كان الانتفاع بعوض مثل أن استأجر المرتهن الدار من الراهن بأجرة مثلها من غير محاباة جاز القرض وغيره لكونه ما انتفع بالقرض بل بالإجارة. وإن حاباه في ذلك فحكمه الانتفاع بغير عوض، ولا يجوز في القرض ويجوز في غيره (٥) .


(١) القوانين الشرعية: ص٢١٣.
(٢) بداية المجتهد: ٢/٢٧٣.
(٣) المغني: ٤/٣٤٩.
(٤) المغني: ٤/٣٤٩.
(٥) المغني: ٤/٣٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>