ومعنى له غنمه وعليه غرمه أن له زيادته ونماءه وإذا نقص أو تلف فعليه. والحديث روي من طرق مختلفة - منها صحيح ومنها ضعيف وإنه روي مرفوعًا وموقوفًا ومرسلًا (١) . وتجدر الإشارة هنا إلى أن عددًا من الفقهاء نسب إلى الأئمة جواز الانتفاع بالحيوان المرهون من لبن وركوب ونحو ذلك في نظير أكله كما هو منصوص عليه في الحديث ومن غير ذكر للتفصيل السابق من نسخ وتأويل للحديث.
أما المالكية فإنهم أجازوا الانتفاع بثمرة المرهون ونتاجه بثلاثة شروط:
١- أن يكون الدين بسبب البيع لا بسبب القرض مثال ذلك أن يبيع شخص لآخر دارًا أو أرضًا زراعية أو عروض تجارة أو نحو ذلك بثمن مؤجل فيرهن له في نظير ذلك عينًا لها فائدة فإن لصاحب الدين وهو المرتهن في هذه الحالة أن ينتفع بفائدة هذه العين المرهونة.
٢- أن يشترط المرتهن ((صاحب الدين)) أن تكون منفعة العين المرهونة له، فإن تطوع له بها الراهن فإنه لا يصح.
٣- أن تكون مدة المنفعة التي يشترطها معينة.
ويتضح هذا الأمر بإعطاء مثال: إذا أقرض شخص شخصًا مبلغًا من المال ورهن له بها منزلًا وانتفع بغلته، كان ذلك فائدة ربوية لأن الفائدة في هذه الحالة تكون في نظير القرض. أما إذا باع له المنزل بثمن مؤجل فهذا الثمن يكون دين بيع لا قرضًا. فإذا رهن منه عربة في نظير ذلك وانتفع بها فإنه يجوز لأن المنفعة ليست مقابلة للقرض، وإنما هي مقابلة لدين البيع، وذكر أن الحنابلة يوافقون المالكية في هذا المنحى فقالوا: إن كان سبب دين الرهن قرضًا فإنه لا يصح الانتفاع بالمرهون، وإلا فإنه يصح.
والخلاصة أن تحريم الانتفاع متفق عليه إجماعًا إذا نص عليه في عقد رهن في مقابلة قرض ورأى الحنفية الجواز إذا اتفقا عليه ولم ينصا في العقد ورأى فريق من الشافعية عدم الجواز في الحالتين وروي عن بعضهم جواز ذلك.
واختلف الفقهاء إذا كان المرهون شيئًا محتاجًا إلى النفقة كالعلف أو التشحيم أو النظافة فرأى كثير منهم الانتفاع به فيما يساوي قيمة النفقة فقط للحديث المذكور.
ورأى بعضهم أن لا ينتفع الدائن إلا إذا أبى صاحب العين الإنفاق عليها وهو ما تأولوا به الحديث.
ورأى المالكية والحنابلة جواز الانتفاع إذا كان الرهن في مقابل دين بيع واشترطها المرتهن لمدة معينة.
وبعد فالمؤمن راهنًا كان أو مرتهنًا ينظر لنفسه ويستفتي قلبه وإن أفتاه المفتون ويدع ما يريبه إلى ما لا يريبه وعلى الذين وسع الله عليهم في الرزق وأعطاهم أن يقرضوا ابتغاء وجه الله وقد أجاز لهم الشارع الكريم أن يستوثقوا بالرهن فلينزهوا أنفسهم وأموالهم عن الانتفاع به ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
(١) قال في منتقى الأخبار: رواه الشافعي والدارقطني وقال: إسناد حسن متصل. وقال شارحه: إنه رواه أيضًا الحاكم وابن حبان في صحيحه.