هذا هو حيلة للتوصيل إلى طريق حلال، فما كان من هذا القبيل فهو جائز قطعًا، وأما حيلة اليهود في تحليل السبت وبيع الشحوم وأكل ثمنها، فكانت من قبيل إبطال الحكمة الشرعية، فإن الشريعة قصدت منعهم عن الصيد يوم السبت وعن أكل الشحوم وبيعها، ففعلوا ما حصل منه ذلك بعينه، وإنما غيروا الطريق أو التعبير، وقدمنا أن مجرد تغيير الاسم لا يؤثر في حل الشيء وحرمته حتى تتغير حقيقته) (١) .
وفي مسألتنا أي مسألة بيع الوفاء تغيرت حقيقة العقد، فإن حقيقة بيع الوفاء كانت رهنًا في الأصل، ثم غيروا الرهن إلى البيع. ولا شبهة في جواز البيع فكان جائزًا كما ذكرنا أولًا. والله سبحانه أعلم.
أحكام بيع الوفاء:
إذا ثبت أن القول الثالث والرابع من أقوال الفقهاء هو مختار الحنفية المتأخرين، نريد أن نذكر جملة من أحكامه، ونوزعها على قسمين:
١- صحة هذا العقد.
٢- الأحكام التي تنبني على صحة هذا العقد.
صحة هذا العقد:
يمكن تصوير هذا العقد على أربع صور:
الصورة الأولى: تبايعا بيعًا بدون شرط، وأضمرا في القلب بأن البائع إذا جاء ورد الثمن يرد المشتري إليه المبيع ويأخذ الثمن، فلا نزاع في جوازه.
الصورة الثانية: تبايعا بيعًا، وذكرا شرط الفسخ في صلب البيع، أو ذكرا لفظة بيع الوفاء أو البيع الجائز، أرادا به عقدًا غير لازم يكون بيعًا فاسدًا. لأن هذا البيع شرطت فيه إقالة فاسدة، لجهالة المدة، ولو شرطت الإقالة الصحيحة في البيع يكون فاسدًا، فكان فساد هذا أولى.
الصورة الثالثة: تبايعا بيعًا بدون شرط، ثم ذكرا الشرط على وجه المواعدة، جاز البيع ويلزمهما الوفاء بالعهد.