للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك فرق آخر ذكره فضيلة والدي الشيخ المفتي محمد شفيع في تفسيره المعروف ((بمعارف القرآن)) بين الوعد وبين العهد، أو بلفظ آخر بين الوعد وبين المواعدة، وملخص ما ذكره الشيخ أن هناك وعدًا يعد به إنسان لآخر من تلقاء نفسه، فهذا وعد يجب عليه الوفاء به ديانة (إلا لعذر شرعي) ولكن لا يجبر الواعد على الوفاء به قضاءً.

وهناك عهد، أو عقد، أو مواعدة يتفق عليه رجلان ويتعاهدان به، فهذا عهد وعقد يجب على الواعد الوفاء به ديانة وقضاء، فلو لم يف به الواعد يسمح لآخر أن يذهب إلى المحكمة، ويجبر الآخر على الوفاء بذلك (١) .

الصورة الرابعة: تواضع البائع والمشتري قبل العقد على بيع الوفاء، ثم تبايعا بيعًا خاليًا عن الشرط، جاز البيع، ويلزمهما الوفاء بالوعد.

التفصيل: اختلف فقهاء الحنفية في ذكر الشرط قبل العقد، هل يلغو الشرط؟ أم يكون هذا البيع فاسدًا؟ أم يكون البيع صحيحًا، ويلزم الوفاء بالعهد؟ قال البعض: يلغو الشرط، ولا عبرة بالمواضعة السابقة على العقد. قال ابن عابدين ناقلًا عن جامع الفصولين:

(وكذا لو تواضعا الوفاء قبل البيع ثم عقدا بلا شرط الوفاء، فالعقد جائز، ولا عبرة بالمواضعة السابقة) (٢) .

وذكر البعض أن البيع يكون فاسدًا في هذه الصورة، قال العلاء الحصكفي:

(ثم إن ذكر الفسخ فيه أو قبله أو زعماه غير لازم كان بيعًا فاسدًا، ولو بعده على وجه الميعاد جاز، ولزم الوفاء به) (٣) .


(١) راجع تفسير معارف القرآن: ٥/٤٦٨.
(٢) رد المحتار: ٥/٢٧٦؛ وجامع الفصولين: ٢/٣٣٦.
(٣) الدر المختار: ٥/٢٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>