للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه العبارات فقهاء المالكية التي تدل على أن بيع الوفاء عندهم يسمى ببيع الثنايا، واختلفوا فيما إذا دخل الشرط في صلب العقد، هل هو بيع فاسد، أو رهن فاسد؟ وكأنهم اتفقوا على عدم جوازه، إذا كان الشرط مشروطًا في نفس العقد. أما إذا تبايع المتبايعان بيعًا بدون شرط الرد، ثم تواعدا على أن البائع متى جاء بالثمن رد المشتري إليه المبيع، فقد ذكر بعض فقهاء المالكية أن هذا البيع يجوز، ويكون هذا الوعد ملزمًا قضاء وديانة.

قال الحطاب: (إن العقد إذا سلم من الشرط وكان أمرًا طاع به بعده على غير رأي ولا مواطأة فذلك جائز، لأنه معروف أوجبه على نفسه، والمعروف عند مالك واجب لمن أوجبه على نفسه) (١) .

وذكر في المعيار المعرب: (سئل أبو الفضل عن رجل اشترى دارًا أو أرضًا بثمن معلوم، وانتقده البائع، ثم أتى البائع المشتري يستقيله فقال له المشتري: متى أتيتني بالثمن فقد أقلتك أو رددتها عليك، وشبه هذا من الألفاظ، ولايوقت وقتا أو يوقت وقتا بسنة أو بعشر سنين أوأكثر، فيقول: متى أتيتني بالثمن إلى أجل أو بعد أجل كذا على ما تقدم مما يدل على الإيجاب هل ترى ذلك لازما للمشتري بعد حصول شرطه، وهو نضوض الثمن أم لا؟

فأجاب أن ذلك جائز في جميع الأشياء، ما عدا الفروج التي تراد للوطء ما دامت السلعة قائمة بيده، ولم تخرج من يده ببيع أو هبة أو صدقة وشبه ذلك من وجوه الفوت، قال محمد بن رشد: إنما قال يلزم المشتري ذلك إذا جاءه البائع بالثمن، لأن ذلك معروف أوجبه على نفسه، والمعروف عند مالك لازم لموجبه على نفسه) (٢) .


(١) تحرير الكلام: ص٢٤١.
(٢) المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوى علماء أفريقية والأندلس والمغرب: ٦/٣٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>