وقال صاحب النهاية وعليه الفتوى. ذكر ذلك الإمام الزيلعي في كتاب الإكراه في كتابه تبيين الحقائق.
وقال صاحب النهر: العمل في ديارنا على ما رجحه الإمام الزيلعي أي القول الثالث.
وقد علق أحمد الشلبي في حاشيته على شرح تبيين الحقائق بقوله: والأهم عندي أنه بيع فاسد وحكمه حكم سائر البيوعات الفاسدة لأنه بيع بشرط لا يقتضيه العقل وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وشرط.
لكن شيخ الإسلام الحنفي بيرم الثاني يضيف وجهًا آخر للجواز فيقول: إنه بيع جائز لازم فيما إذا عقد بلفظ البيع من غير ذكر شرط فيه لا فرق بينه وبين البيع البات الصحيح في حكم ما حتى أنه لا يفسخ إلا بالتراضي على وجه الإقالة وهو الذي نقل غير واحد عن النسفي اتفاق شيوخه في زمنه عليه.
وحجتهم أن متعاقديه تلفظا بلفظ البيع من غير شرط الفسخ فيه. وإن أضمراه بقلبيهما إذ ذاك أو اشترطاه نصًّا قبل العقد بناء على أن العبرة في الشرط المفسد بقرانه للعقد ذكرًا باللسان دون تقدمه عليه ذكرًا عليه ولا قرانه به مضمرًا في الجنان.
ولهذا كان تزوج المرأة على نية تطليقها أثر الوطء نكاحًا صحيحًا نظرًا للفظه لا فاسدًا على أنه نكاح متعة باعتبار قصده. وبناء على هذا أفتى النسفي من عقد بلفظ البيع مضمرًا رد المبيع عند رد الثمن بأنه يسعه أن يحلف أن البيع كان بتًّا مع ذلك الإضمار.
القول الرابع: أنه فاسد في بعض أحكامه لأنه يتركب من بيع فاسد وبيع جائز ورهن، وهذا القول يتفرع إلى قولين: أحدهما أنه فاسد في بعض الأحكام مثل ملك كل من المتعاقدين الفسخ. صحيح في بعض الأحكام مثل حل منافع المبيع للمشتري. وثانيهما أنه رهن في حق البعض الآخر مثل عدم ملك المشتري المبيع وأنه يسقط الدين بهلاكه.
فهو إذًا مركب من العقود الثلاثة: بيع جائز وبيع فاسد ورهن. وهذا القول رجحه بعضهم للفتوى.
وقد أطنب شيخ الإسلام بيرم الثاني في شرح هذا القول ويذكر: أنه مركب من رهن وبيع جائز بات. فهو بالنسبة للبائع رهن يسترد العين عند قضاء ما عليه من الدين والمشتري ضامن للهلاك أو الانتقاص ضمان الرهن.
وهو بيع بات صحيح بالنسبة للمشتري في حق نزله ومنافعه حتى يطيب له أكل ثمره والانتفاع به سكنى وزراعة وإيجارًا. وعلى هذا استقر عمل شيوخ النسفي ومنهم صاحب الهداية علي بن أبي بكر بن عبد الجليل المرغيناني (١) .
(١) المرغيناني هو علي بن أبي بكر بن عبد الجليل الفرغاني المرغيناني نسبة إلى مرغينان في نواحي فرغانة من أكابر فقهاء الحنفية: له رتبة الاجتهاد من مؤلفاته الهداية في شرح البداية، مطبوع في مجلدين، وله مؤلفات أخرى، توفي ٥٩٣هـ/ ١١٩٧م.