نعم قد تقع في الأيمان كما لو حلف شخص أن لا يشتري ثوبًا من فلان التاجر ثم تعلق غرضه بشرائه منه فإنه يوكل غيره على الشراء. فالعقد حينئذ يضاف للوكيل لأن الحالف أراد عدم مباشرة البائع لأمر ما حدث بينهما. فالتعامل معه بواسطة الوكيل لا يتنافي مع القسم إلا إذا كان الحالف ممن لا يشترون عادة بأنفسهم ولا ينزلون إلى الأسواق لقضاء مآربهم بل يعهدون بذلك إلى غيرهم. وقد أفتى محمد بن الحسن صاحب الإمام أبي حنيفة الخليفة هارون الرشيد وقال له: أما أنت فلا. ضرورة أن الرشيد كان يقصد عند القسم أنه لا يشتري منه بواسطة غيره وأن لا يكلف أحدًا بالشراء منه كما هي عادته في معاملاته إذ أنه لا يباشر هذه الشراءات بنفسه.
والصاحب القاضي أبو يوسف يرى أن التحايل لإسقاط حق الشفعة جائز بشرط أن يكون قبل الشفعة أي قبل طلبها من الشفيع لأن التحايل هنا يقصد به دفع الضرر ورفع المشقة ولا بأس بذلك لأنه أخذ العقار واشتراه وأصبح مالكًا له فانتزاعه من يده مضرة عليه حاصلة محققة بخلاف الشفيع فمضرته مظنونة وغير محققة وقد يكون الشريك الجديد أفضل من القديم ومن هنا فالصاحب القاضي أبو يوسف لا يرى مانعًا في الالتجاء إلى الكمشة المجهولة المعروفة لأنها سعي لمنع الشفعة قبل الأخذ بها بل هي سعي لدفع مضرة وتحصيل منفعة.
وعلى كلٍّ فهل يجوز وهل يسمح باتخاذ الحيل وحبكها وصنعها وانتشائها وتكييفها توصلًا إلى المقصد المطلوب إذا كان المقصد حلالًا في نفسه؟.
وأين محل عقد بيع الوفاء في كل تلك الأجواء؟ وهل أن الحيلة هي التي صنعته وكونته أم أن جلب المصلحة ودفع المضرة هو الذي مهد الطريق لإنشائه؟
والملاحظ أن كلام الإمام أبي يوسف إنما يتعلق بالحرمة والحلية والمنع والجواز والثواب والعقاب أما إذا اعترف الخصمان عند النزاع بالحيلة وتزويقها امتطاء إلى الهدف فإن القاضي سوف لا يقضي إلا بإبطال مفعولها ورد سعيهما. والقاضي إنما يحكم بالظاهر فإذا انكشفت أمامه الحقيقة اتبعها وطبق أصول الأحكام عليها غير ملتفت إلى صحة الهدف من مرضه.