ومالك يراه معقولًا خلافًا للجمهور الذي يتمسك بأن الفساد حكمي.
وهذا غير مهم في بحثنا لأننا ندرس موضوع الحلية والحرمة بصرف النظر عن الرجوع والعدول ونتائج ذلك.
وابن عاصم يتعرض إلى موضوع بيع الثنيا تعريفًا وحكمًا وتقسيمًا فيقول معرفًا:
والشرح للثنيا رجوع من
باع إليه عند إحضار الثمن
ومن هنا نفهم أن بيع الثنيا خلافًا لتعميم ابن رشد هو اشتراط البائع في صلب عقد البيع استرداده للمبيع عند إرجاعه للثمن.
وابن عاصم مثل سائر فقهاء المالكية يرى فساد هذا النوع من البيوعات والنهي عنها متبعًا في ذلك الإمام مالك وابن القاسم وغيرهما من الفقهاء:
والبيع بالثنيا لفسخ داع
والخرج بالضمان للمبتاع
ولا كراء فيه هبه لأجل
أو لا وذا الذي جرى به العمل
لكن إذا وقع البيع باتًّا ثم حصل الاتفاق بين المتعاقدين تطوعا على استرداد المبيع حين إحضار الثمن فهذا جائز يسوغ للمشتري الفوز بالغلة وعلة ذلك أن العقد كان صحيحًا جائزًا ثم حصل التطوع من المشتري على وجه المعروف الذي التزم بالإرجاع وإلى كل هذا يشير ابن عاصم بقوله:
وجاز إن وقع بعد العقد
طوعًا بحد أو بغير حد
وحيثما شرط على الطوع جعل
فالأحسن الكتب بعقد مستقل
والقول قول مدع للطوع
لا مدعي الشرط بنفس البيع
وهذا الاستثناء يرشد إلى تنازل المشتري وأن التزامه برد المبيع عند إرجاع الثمن إليه كان بعد حصول عقد البيع بعقد جديد التقت فيه الإرادتان بعد عملية البيع البات غير المشروط ثم حدث التطوع بالثنيا وأنشىء له كتب خاص به وعند الخلاف فالقول قول من ادعى التطوع بالشرط لا أنه حصل عند البيع مقارنًا له.