أما أمور الضمان والكفالة واستحقاق المرهون من يد المرتهن فإن الأحكام تكاد تتشابه فيها عند جميع الفقهاء فلا نطيل بسرد تفاصيلها في بحث كهذا يهتم بذكر المبادىء العامة.
ومن هلاك المرهون إذا هلك المرهون ففيه خلاف قال الشافعي يهلك أمانة واحتج بالحديث الشريف لا يغلق الرهن وكررها عليه الصلاة والسلام ثلاثًا وقال لصاحبه الذي رهنه عليه له غنمه وعليه غرمه ولذا يكون غرمه عليه إذا هلك أمانة ويبقى عليه قضاء الدين أما إذا هلك مضمونًا كان غرمه على المرتهن وضعف الكاساني هذا القول، إذ قال:(وهذا خلاف النص ولأن عقد الرهن شرع بوثيقة بالدين ولو سقط الدين بهلاك المرهون لكان توهينًا لا توثيقًا فيقع تعريض الحق للتلف)(١) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((الرهن بما فيه)) وفي رواية: ((الرهان بما فيها)) وفي السنة قضية الرجل الذي رهن فرسًا لآخر فمات الفرس فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام للدائن: ((ذهب حقك)) والراجح أن هلاك العين عند المرتهن تطبق عليه أحكام هلاك الأمانة في يد الأمين.
والبينة عند الاختلاف بينة الراهن لأنها بينة مثبتة تثبت الاستيفاء وبينة المرتهن تثبت نفي الاستيفاء فالمثبتة أولى وكل الزيادات في المرهون لا تكون مضمونة فلو هلك شيء منها لم يسقط في مقابله شيء من الدين ((إلا الأرش خاصة)) بخلاف الزيادة على الرهن فإنها مضمونة مقصودًا لا تبعًا فإذا صحت ألحقت بأصل العقد لأنها وقعت بطريق الأصالة عن طريق التبعية للمرهون، وإن عين شيئين لرهن واحد قسم الدين على قيمتهما عند الحاجة ليعرف قدر ما في كل واحد منهما من الضمان، كما ينقسم الثمن عليهما في باب البيع وأيهما هلك يهلك بالأقل من قيمته.