يبقى الأمر في الرهن إذا كان محلوبًا ومركوبًا يحتاج إلى مؤونة ولم ينفق عليه صاحبه هل يجوز أن ينفق عليه؟ نص الحديث كما قال صلى الله عليه وسلم:((الرهن محلوب ومركوب بقدر ما ينفق عليه)) . وشكرًا لكم وجزاكم الله خيرًا.
القاضي محمد تقي العثماني:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإني أشكر فضيلة أخي الشيح خليل الميس - حفظه الله تعالى - على عرضه للموضوع واستيفائه لنصوص الفقهاء في مسألة البيع بالوفاء، والذي أريد أن أشير إليه هنا نقطتان مهمتان قبل أن نصل إلى قرار محدد في هذا الموضوع.
النقطة الأولى: هي أنه قد اشتهر على ألسنة الناس أن فقهاء الحنفية أجازوا البيع بالوفاء، وإن هذا التعبير - في نظري - ليس صحيحًا، إن فقهاء الحنفية لم يجيزوا البيع بالوفاء بمعناه الحقيقي، ما هو المعنى الحقيقي للبيع بالوفاء؟ المعنى الحقيقي للبيع بالوفاء هو أن يكون شرط الوفاء وشرط الإقالة مشروطًا في صلب عقد البيع، فإذا كان شرط الإقالة مذكورًا في صلب عقد البيع فلم يذهب إلى جواز هذا البيع أحد من فقهاء الحنفية، لم أطلع على فقيه من الفقهاء ذهب إلى جواز مثل هذا البيع لا من الحنفية ولا من المالكية ولا من الشافعية ولا من الحنابلة، هذا البيع مجمع على فساده، أما بعض المتأخرين من الحنفية الذين أجازوا هذا البيع، في الواقع لم يجيزوا البيع بالوفاء، وإنما أتوا له ببديل، هم حكموا على البيع بالوفاء بأنه رهن وهو في حكم الانتفاع بالمرهون ولا يجوز شرعًا، ولكنهم أتوا ببديل، ما هو البديل؟ أن يعقد البيع من غير اشتراط الوفاء كالبيع العادي دون أن يكون فيه شرط في الإقالة، ثم تقع بعد عقد البيع مواعدة بين البائع والمشتري بأنه كلما جاء المشتري بثمنه فإن البائع سيرد إليه المبيع، هكذا جاءوا له ببديل، ولا شك في أن هذا البديل - أيضًا - ليس إلا حيلة للفرار من الربا.