للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالبيع بالوفاء بمعناه الحقيقي لا يجوز، أما هذا البديل، المواعدة على الاسترداد بعد انعقاد العقد، هذا استخدموه كحيلة في بعض المعاملات، والحيلة كما تعرفون لها مكان في الشريعة، يعني الحيلة متى جاءت لإبطال مقاصد الشريعة فإنها لا تجوز وتحرم كحيلة أصحاب السبت، وأما إذا كانت الحيلة للتخلص من بعض المحرمات وللفرار من بعض المحرمات التي يلجأ إليها المجتمع في بعض الأحيان، ففي بعض الجزئيات يجوز أن تتخذ تلك الحيلة كمخرج من المحرمات.

فالذي أراه أنه ينبغي أن نركز على أن البيع بالوفاء بمعناه الحقيقي من حيث أن يشترط في صلب العقد الاسترداد أو الإقالة أن هذا يحرم شرعًا ولا سبيل إلى جوازه. أما المواعدة بعد عقد البيع فإنه بحكم أنه حيلة وليس عقدًا مثاليًّا من العقود الإسلامية فإنه لا ينبغي أن يتخذ كأصل عام أو كمبدأ عام في المعاملات الجارية، كما ذكر الأخ الأستاذ الفاضل الدكتور أنس الزرقا أنه لو فتحنا هذا الباب لأخذت المصارف كلها هذا الطريق وأجروا بينهم المعاملات الربوية على هذا الأساس، لا لأن الحيلة لها مقام، الحيلة لا يمكن أن تتخذ كمبدأ عام وتدار عليه جميع المعاملات والعمليات في المجتمع، نعم لا ينبغي أن نقفل هذا الباب بالكلية فإنه من الممكن أن تكون هناك بعض الحالات وبعض الجزئيات يلجأ فيها الناس إلى مثل هذا البيع، مثل هذه الحيلة، ألا ترون أن المرابحة التي تجري عليها المصارف الإسلامية، لا شك أنها حيلة، والتأخير المنتهي بالتمليك لا شك أنها حيلة، ولكن أخذناها للفرار من الربا، فلو أخذنا بهذا المبدأ ونصرح بأنه لا يستخدم هذا النوع من البيع إلا في مواضع لا يمكن فيها الفرار من الربا إلا بهذا الطريق، فلو أجزنا هذا البيع وهذا الطريق للتعامل بهذا الشكل يمكن أن نجمع فيه بين المصلحتين، المصلحة التي ذكرها الدكتور أنس الزرقا والمصلحة التي أبيح من أجلها هذا الطريق من قبل بعض الفقهاء.

هذا ما أرى، والله سبحانه وتعالى أعلم وعلمه أتم وأحكم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>