للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قضى الميت فليشتغل من حضره بحقه ويأخذ في إصلاح شأنه فمن ذلك أن يغمض عينيه إلى غير من الأمور التي ذكروها في كتبهم (١) .

الثالثة - أما بالنسبة للأمراض الأخرى التي لم يصل الأطباء إلى علاج لها عدا الحالتين المشار إليهما فإنه لا ينبغي للطبيب أن يدخل اليأس في نفس المريض فقد ذكر ابن الحاج في آداب الطبيب أنه وقع له مع بعض الأطباء أنه كان يتردد عليه في مرض كان به ويصف له أشربة وأدوية ينفق فيها نفقة جيدة فطال الأمر عليه قال: فقطعته وعوضت موضوع تلك النفقة خبزًا أتصدق به بنية امتثال الشفاء في دفع ذلك المرض فما كان إلا قليل وفرج الله عني وحصلت العافية فلما أن خرجت لقيت الطبيب فسألته عما كان يكتبه من الأشربة والأدوية وأي منفعة كانت فيها لذلك المرض فقال: والله ما فيها شيء إلا أنه يقبح بالطبيب أن يخرج من عند المريض ولا يصف له شيئًا لئلا يوحشه بذلك (٢) .

أما بالنسبة للصورة الثانية وهي من وصل إلى حالة اليأس من علاجه لسبب جناية وقعت عليه وقرر الأطباء ذلك لا حرج على الطبيب ولا على ذويه أن كفوا عن علاجه لأنه في حكم الأموات كما سبق. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ثانيًا – مدى توقف العلاج على إذن المريض:

إن الإجابة على هذا الاستفسار يتوقف على ما كتبناه في الموضوع السابق خاصة فيما يتعلق في حكم العلاج وقد ذكر صاحب منظومة الآداب في هذا الشأن قوله:

وترك الدواء أولى وفعلك جائز

ولم يتقن فيه حرمة مفرد

قال شارحها السفاريني: إن ترك التداوي أفضل من التداوي.

ونقل في رواية المروزي: العلاج رخصة وتركه أعلى درجة منه وأن تعاطي المريض الدواء جائز أي مباح لا حرام ولا مكروه وقد سبق أن بينا خلاف العلماء في هذه المسألة وأن الرأي الذي عليه جماهير العلماء أن فعل التداوي أفضل من تركه وعند مالك يستوي فعله وتركه. وعلى هذا فإن المريض أو وليه إذا طلب من الطبيب توقف العلاج فإنه لا شيء على الطبيب إن هو استجاب لهذه الرغبة. والله سبحانه وتعالى أعلم.

الدكتور عبد الله محمد عبد الله


(١) المدخل لابن الحاج: ٣/٢٢٩، ٢٣٣.
(٢) المدخل لابن الحاج: ٤/١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>