ومثلها أيضًا حالة سرطان في اليد أو القدم أو الأطراف ويمكن التداوي بالبتر ويرفض الولي ذلك؟. وهل من حق الولي أن يتبرع بكلية أو نخاع طفله لينقذ طفله الآخر مع العلم أن التبرع من الإخوة وخاصة التوائم المتماثلة يعطي أفضل النتائج؟ وليس في هذا التبرع خطر على حياة الطفل المتبرع منه بل هناك احتمال ضئيل بالإصابة بمستقبل الأيام، فهل يجوز للأب أن يتبرع بنخاع أو كلية طفله لإنقاذ طفله الآخر؟ هذا مع العلم أن مجمعكم الفقهي الموقر قد أفتى في دورته الرابعة بالقرار رقم ١ د ٤/٨/٨٨ بشرط كون الباذل كامل الأهلية؟
من هو الذي لا يعتد برضاه؟
قال المصطفى صلى الله عليه وسلم:((رفع القلم عن ثلاثة، الصبي حتى يحتلم، والنائم حتى يستيقظ، والمجنون حتى يفيق)) ، وعليه فإن معظم القوانين تجعل رضا القاصر والمجنون وفاقد الوعي لا يعتد به، ولكن هناك اختلافًا في تحديد سن القاصر، حيث نجد أن معظم قوانين الدول العربية والإسلامية تجعل السن القانونية ثمانية عشر عامًا، وبعضها يجعل سن الرشد واحدًا وعشرين عامًا. فعلى سبيل المثال، حدد القانون الكويتي المدني (الفقرة الثانية من المادة ٩٦) سن الرشد بواحدٍ وعشرين عامًا ميلادية كاملة، ومع هذا فقد أباح القانون الكويتي للشخص العاقل الذي أتم ثمانية عشر سنة ميلادية أن يتبرع بإحدى كليتيه.
وتعتبر بعض البلاد البلوغ كافيًا لإعتبار رضا الشخص إذا كان عاقلًا، ونحن نعرف أن بلوغ الصبي يحدث فيما بين الثانية عشرة والخامسة عشرة، أما الصبية فقد تحيض في سن أقل من ذلك، قال الإمام الشافعي: أعجل من سمعت من النساء تحيض نساء تهامة يحضن لتسع، وهو مذهب الإمام الشافعي والإمام مالك والإمام أحمد، وعند الأحناف أقل سن للحيض سبع سنوات، فهل إذا بلغت الصبية تسع سنوات وحاضت في تلك السن يعتبر رضاها كاملًا أم لا بد من إذن الولي في أمر التداوي حتى تبلغ سنًّا محددة؟ وثار في الغرب جدل حول ما يفعله بعض الأطباء من وصف وسائل منع الحمل مثل الحبوب للفتيات القاصرات أقل من ثمانية عشر عامًا، دون إذن مسبق من ولي أمر الفتاة والمشكلة لدينا أفظع حيث أن معظم الدول لا تفرض رقابة على الصيدليات، بل ويشجع كثير من الدول صرف حبوب منع الحمل بدون وصفه طبية، وهو أمر بالغ الخطورة ومناف للأعراف والأنظمة الطبية، ويعرِّض المستعملة لمخاطر مضاعفة في بعض الحالات ويستطيع - للأسف أي إنسان أن يشتري من أي صيدلية حبوب منع الحمل دون أي وصفة في معظم بلدان العالم الثالث ويستخدم بعض السجناء في عمليات التبرع بالدم قسرًا، كما يستخدمون أحيانًا في مجال التجارب الطبية دون إذنهم، وهذه كلها صور من الممارسات التي يعتدي فيها على حقوق الإنسان.