أما النقطة الثانية: وهي حالة ما يقال فيه أو ما يقوله بعض الأطباء من اليأس من حالة الشفاء، هذا رأي طبي صحيح قد يصل إلى مرحلة اليقين بالنسبة للأطباء، لكن لا ينبغي لنا أن نقنط من رحمة الله، وهناك قاعدة شرعية تقول:((لا يترك الأمر اليقيني إلى أمر ظني)) فحياة الإنسان أمر يقيني، مهما قال الأطباء من اليأس من حياته فهو لا يزال في نظري، وبناء عليه فيحافظ على هذه الحياة المؤكدة ويترك ما يقال من اليأس من الشفاء لأن هذه مظنة، والظن لا يلجأ إليه ويترك الأمر المؤكد اليقيني. هذا بالنسبة للنقطة الثانية.
أما النقطة الثالثة: وهي موضوع الاستئذان في التداوي، معلوم أن بعض الحالات لا يحتاج فيها إلى استئذان وهي الحالات التي يصعب أخذ إذن المريض فيها كالإسعافات الضرورية كما يحدث في الحوادث ونحوها. أما الحالات العادية التي يكون الإنسان فيها مريضًا مرضًا عاديًّا ونستطيع أن نأخذ رأيه، ينبغي أن نقف عند إذنه، لأنه قد يكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، في بعض صفاتهم ممن يدخل الجنة بغير حساب، وقال صلى الله عليه وسلم من صفاتهم أنهم:((لا يرقون ولا يسترقون)) ، يعني قد يكون عند المريض استمساك بهذا، فينبغي أن يترك هذا لرأيه وإذنه. ومعلوم كما نحفظ عن سيدنا أبي بكر - رضي الله تعالى عنه - حين قيل له في مرض موته: أنأتي لك بطبيب؟ فقال: إن الطبيب أمرضني، وأبى أن يؤتى له بطبيب. وكلام الإمام أحمد في ذلك معروف.
النقطة الأخيرة: وهي في حالة التداوي بالمحرمات، الواقع أن هذه المسألة فيها تفصيل عند الفقهاء، هناك نوع من المحرمات لا يجوز التداوي به قطعًا وهو الخمر - ينبغي التفصيل في موضوع المحرمات - الخمر هذه لا يجوز التداوي بها قطعًا، نعم في حالة الإساغة بالغصة معروف قول الفقهاء فيه، لكن في غير ذلك لا يجوز، وقال فيها الإمام عبد الرحمن بن قاسم راوي المدونة لما قيل له في التداوي بالخمر في حالة استعصاء المرض، رفض وقال:(لا تزيده إلا شرًّا) وكذلك روي مثل هذا القول عن الحافظ ابن حجر رحمه الله.
أما التداوي بغير الخمر من المحرمات ففيه الخلاف بين الفقهاء، فمنهم من قال بالجواز ومنهم من قال بعدم الجواز، وهذه يرجع فيها إلى الأطباء، والله تعالى أعلم.