بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته الغر الميامين.
عندي أربع نقاط في هذا الموضوع:
أولًا: بالنسبة لحكم التداوي: معلوم أن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى إباحة التداوي، ومنهم الإمام مالك رضي الله عنه في قوله: لا بأس بالتداوي ولا بأس بتركه، لكن نرى حديث النبي صلى الله عليه وسلم حينما قالت له الأعراب: يا رسول الله، ألا نتداوي؟ قال:((نعم يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدًا وهو الهرم)) ، فهذا الحديث - قول النبي صلى الله عليه وسلم ((تداووا)) يشير إلى استحباب التداوي، فهو أمر لكن صرفه عن الوجوب وقائع الأحوال وأقوال للنبي صلى الله عليه وسلم سمعنا بعضها من الزملاء الذين ألقوا أبحاثهم، لكن كلام الفقهاء تبعًا لقواعد الشرع أن التداوي يكون واجبًا إذا غلب على الظن الشفاء وتعين الدواء لهذا المرض، وأولى من هذا إذا قطع الأطباء بوجوب التداوي وإلا أدى إلى الوفاة أو قطعت العادة كحالة الضرورة، ولذلك لو امتنع المضطر عن أكل الميتة مع تمكنه حتى مات فإنه يموت آثمًا - والله أعلم، طبعًا الإثم أمره إلى الله - لأنه من باب إلقاء النفس في التهلكة. ولذلك من الخطأ ما عده كثير من الأصوليين، عدوا من أنواع الرخص، أي من نوع إباحة فعل المحرم (أكل الميتة) وهو في الحقيقة من العزائم لأنه في هذه الحال لا يوجد إلا حكم واحد وهو وجوب الأكل، فهو عزيمة. لكن لا بد أن نفرق بين هذه الحال وحال الامتناع عن العلاج، الامتناع عن العلاج لو غلب على الظن الشفاء به فترك المريض العلاج فمات فإنه يموت غير آثم - إن شاء الله - لأن العلاج والشفاء ليس يقينًا قاطعًا على سبيل الإطلاق. ولذلك لم يعتبره الفقهاء في هذه الحال منتحرًا.
ثانيًا: القضية الثانية قضية التداوي بالمحرم والنجس: الحقيقة أن الموافق لمقتضى القواعد الشرعية ومراعاة لأسلوب التطبيق في هذا العصر هو، قول الشافعية في جواز التداوي بالمحرم إذا تعين طريقًا للشفاء، يستدل لهذا بما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للعرنيين بل أمرهم أن يتداووا بأبوال الإبل.