للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوفاء بالعهد:

إذا عقد الصلح أو أبرمت المعاهدة، أو أعطي الأمان أو غيره، فالالتزام بمضمون المعاهدات واجب والوفاء فرض، ولا يجوز نقض العهد إلا بسبب من خيانة، أو غدر أو مظاهرة علينا بمال أو سلاح أو برأي وتدبير، فإن العهد يفقد حرمته ويصبح المسلمون في حل من ذلك دون إنذار أو إعلان كما فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صلح الحديبية حين نقضت قريش معاهدة الصلح بإعانتها على حلفاء رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتوجه إلى فتح مكة دون إنذار وفتحها بفضل الله، وذلك لقوله ـ تعالىـ: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ} (١) .

فإن الآية تدل بمفهومها على أن المسلمين في حل من مهاجمة الكافرين إذا نقضوا العهد بمخالفة بنوده أو المظاهرة عليهم (٢) ، قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} (٣) .

وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} (٤) .

وقال سبحانه: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ} (٥) .

وقال: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} (٦) .

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له)) (٧) . وكتب أبو عبيدة بن الجراح إلى كل مدينة صالح أهلها ولم يستطع صد الروم عنهم، وفاء منه لما عاهدهم عليه:"إنما رددنا عليكم أموالكم؛ لأنه قد بلغنا ما جمع لنا من الجموع وأنكم قد اشترطتم علينا أن نمنعكم , وإنا لا نقدر على ذلك وقد رددنا عليكم ما أخذنا ونحن لكم على الشرط وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم" (٨) .


(١) سورة التوبة: الآية ٤
(٢) النظم الإسلامية، لأبي محمد أحمد موسى: ٢/ ١٧٣
(٣) سورة النحل: الآية ٩١
(٤) سورة الإسراء: الآية ٣٤
(٥) سورة التوبة: الآية ٧
(٦) سورة البقرة: الآية ١٧٧
(٧) رواه أحمد وابن حبان. وصححه ورواه السيوطي في الجامع الصغير
(٨) كتاب الخراج، لأبي يوسف: ص ١٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>