للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنواع المعاهدات:

١ ـ المعاهدات:

تتنوع المعاهدات بحسب موضوعاتها وأهدافها، وكما يقول الدكتور وهبة الزحيلي:"فقد يكون الغرض منها تنظيم التجارة أو نشر الإسلام والثقافة أو لأغراض اجتماعية وإنسانية كتبادل الأسرى، ومعالجة المرضى، أو لتقرير السلم والأمن، وتثبيت دعائمه، أو لدعم روابط الجوار والتعاون مع المجاورين". (١)

فمنها:

(أ) المعاهدات التجارية:

وهي تنظيم التجارة الخارجية، أي لتأمين التبادل التجاري بين الدولة الإسلامية والدول الأخرى في حرية التجارة وعدم التعرض لها بالمصادرة أو السلب أو النهب أو القرصنة، وهذا مما يجيزه الإسلام. وقد تسمى هذه المعاهدات معاهدات الصداقة، وقد أوجب الإسلام على التجار المسلمين التقيد بأحكام الإسلام في عقود التجارة من حيث شروط الصحة وأنواع التجارة، فلا يجري فيها الربا ولا بيع الخمر والخنزير ولا يفرض عليهم العشر؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((في العهود وفاء لا غدر، لا أحل لكم شيئًا من أموال المعاهدين إلا بحق)) (٢) . أما إذا كانوا أجانب أي غير مسلمين فيتقيدون كذلك بما يتقيد به تجار المسلمين ويؤخذ منهم ضريبة على تجارتهم معاملة بالمثل مع المسلمين. (٣) .

(ب) المعاهدات السياسية:

وأعني بها المعاهدات ذات الأجل الطويل كصلح الحديبية الذي حدد بعشر سنوات، أو الدائمة، وهي جائزة أخذًا من عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} (٤) .

ومن فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المعاهدات التي أبرمها مع عدد من الدول منها: معاهدته مع اليهود في المدينة وكانت معاهدة دائمة غير موقوتة ومنها معاهدته مع أهل أيلة وفيها ((هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة: سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله ومحمد النبي، ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثًا فإنه لا يحول ماله دون نفسه، وأنه طيب لمن أخذه من الناس. وأنه لا يحل أن يمنعوا ماء يردونه ولا طريقًا يريدونه من بر أو بحر)) . (٥) ومعاهدته مع أهل جرباء وأذرح، وأهل مقنا (٦) ومعاهداته مع نصارى نجران (٧) . وأخذًا من فعل الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ في المعاهدات ـ لتجديد أبي بكر العهد للنجرانيين ومعاهدة عمر بن الخطاب مع نصارى المدائن وفارس. ومعاهدة حذيفة بن اليمان مع أهل ماه دينار (بفارس) ومعاهدة النعمان بن مقرن مع أهل ماه بهراذان (بفارس) ومعاهدة عبد الله بن قيس مع أهل أصفهان (بفارس) ، وغيرها من المعاهدات (٨) . ويقول الشيخ محمد أبو زهرة: "ولقد ادعى بعضهم لهذا أن الصلح الدائم لا يجوز في الشرع الإسلامي، وما جاء به من النصوص يسوغ هذا الصلح بإطلاق قد نسخ وغير حكمه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد جاء في شرح السير الكبير للسرخسي عند الكلام في قوله تعالى: {فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا} .


(١) العلاقات الدولية في الإسلام: ص ١٥٠
(٢) المعاهدات في الشريعة الإسلامية والقانون العام، للدكتور محمود الديك: ص ١٤٣
(٣) فتح القدير: ٣/ ٢٢٤
(٤) سورة البقرة: الآية ٢٠٨
(٥) مجموعة الوثائق السياسية، لحميد الله: ص ٣٤، طبع القاهرة سنة ١٩٤١
(٦) جرباء وأذرح في جنوب الأردن من محافظة معان، ومقنا بلدة كانت جنوب العقبة
(٧) مجموعة الوثائق السياسية: ص ٨٠
(٨) يراجع كتاب الوثائق السياسية، لحميد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>