للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ورد النهي عن القتال تحت راية الكفار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تستضيئوا بنار المشركين)) (١) . والنار كناية عن الحرب. وقال: ((أنا بريء من كل مسلم مع مشرك)) ، فقيل: "لم يا رسول الله؟ " فقال: ((لا تراءى نارهما)) (٢) .

والنهي ينصب على الاستعانة بالكفار دولة وكيانًا، وأما الاستعانة بالأفراد فجائزة، فقد قاتل قزمان من مشركي الأنصار مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في معركة أحد، أما عدم الاستعانة بأهل الكتاب، فلما ورد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خرج يوم أحد فإذا كتيبة حسناء، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من هؤلاء؟)) ، قال أبو خشناء (أحد الصحابة) : يهود كذا وكذا، فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا نستعين بالكفار)) ، وعن أبي حميد الساعدي قال: خرج ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى إذا كان خلف ثنية الوداع إذا كتيبة، قال: ((من هؤلاء؟)) قالوا: بنو قينقاع رهط عبد الله بن سلام "قال: ((أو تسلموا!)) ! قالوا: لا"، فأمرهم أن يرجعوا، وقال: ((إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين)) (٣) .

والأحلاف العسكرية تدخل في حكم المعاهدات والاتفاقات العسكرية، من حيث الجواز وعدم الجواز.

على أن من الفقهاء من يرى الاستعانة بالمشركين من غير اتفاق أو معاهدة أو حلف أي إذا خرجوا طوعًا مع المسلمين، قال الشافعي: "فلا بأس أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعًا" (٤) .


(١) رواه أحمد والنسائي عن أنس بن مالك، وانظر جمع الجوامع: ١/ ٨٩٢
(٢) أحكام القرآن للجصاص، ٢/١٠، ومعنى تراءى نارهما: أي لا ينزل بالموقع الذي إذا أوقعت فيه ناره تظهر لنار المشرك، إذا أوقدها، ولكنه ينزل مع المسلمين دارهم
(٣) رواه أحمد بن حنبل , والبخاري في كتاب التاريخ
(٤) الأم، الشافعي، طبعة دار الشعب: ٤/١٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>