للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ب) أنواع الديار:

تواضع الفقهاء على تقسيم الديار ثلاثة أقسام (١) : دار الإسلام، ودار العهد، ودار الحرب، وهذا التقسيم هو بحكم الواقع لا بحكم الشرع؛ لأن الإسلام لم يقيد الدولة الإسلامية بحدود جغرافية أو مكانية، فهو كما ذكرت من قبل دعوة عالمية، ولكن تطبيق أحكامه مرتبط بسلطان المسلمين، فكلما اتسعت دار الإسلام اتسع تطبيق أحكام هذا الدين، ومن هنا اقتضت الظروف أن يكون الإسلام إقليميًا حتى تعم دار الإسلام العالم بأسره (٢) .

والذي لا خلاف عليه بين الفقهاء أن الدار التي تحكم بسلطان المسلمين، وهم حماتها وأهل المنعة فيها هي دار الإسلام، وأن دار العهد هي غير دار المسلمين ارتبطوا مع المسلمين بعهد (٣) .

وأما تعريف دار الحرب فقد اختلف فيه الفقهاء على رأيين: أحدهما أن دار الحرب هي الدار التي لا يكون فيها السلطان للحاكم المسلم، ولا تنفذ فيها أحكام الإسلام، وليس بين المسلمين وأهلها عهد، وهذا رأي الصاحبين وجمهور الفقهاء.

والرأي الثاني يذهب إلى أن كون السلطان لغير المسلمين لا يجعل الدار دار حرب، بل لا بد من تحقيق شروط ثلاثة مجتمعة لتصير الدار دار حرب وهي:

أولًا: ظهور الأحكام غير الإسلامية:

ثانيًا: أن يكون الإقليم متاخمًا للديار الإسلامية بحيث يتوقع منه الاعتداء على دار الإسلام (٤) .

ثالثًا: ألا يأمن المسلم ولا الذمي فيها بحكم الإسلام، بل يأمن فيها بعهد يعقده، وهذا رأي أبي حنيفة والزيدية وبعض الفقهاء (٥) .


(١) انظر نظرية الحرب في الإسلام للشيخ محمد أبو زهرة: ص ٣٠، طبعة المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، ويضيف بعض الفقهاء دارًا رابعة وهي دار البغي يكون الأمر فيها للبغاة، وهم الخارجون على الإمام الحق بغير الحق؛ وانظر تبيين الحقائق، للزيلعي: ٣/ ٢٩٣
(٢) انظر من الفقه الجنائي المقارن للمستشار أحمد موافي: ص ٩٠، طبعة الجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة
(٣) نظرية الحرب في الإسلام: ص ٣٠؛ والعلاقات الدولية في الإسلام، للشيخ محمد أبو زهرة: ص ٥٣، طبع بالقاهرة
(٤) إن اشتراط المتاخمة لتوقع الاعتداء أصبح في عصرنا غير ذي موضوع، فقد تطورت أسلحة الحروب، ولم يعد القتال في حاجة إلى متاخمة، وجاء تفسير المنار: ٦/ ٤٠٩، أن دار الحرب في بلاد غير المسلمين وإن لم يحاربوا، وكان القاعدة أن كل من لم يعاهدنا على السلم يعد محاربًا
(٥) انظر العلاقات الدولية في الإسلام: ص ٥٤

<<  <  ج: ص:  >  >>