٦ ـ تمجيد القيم المسيحية والدعوة للدعوات الإنسانية المتعددة وإشغال المسلمين بها وتبين أن الأديان كلها قد جاءت للرحمة والسلام والجهاد ليس فيه أي معنى من معاني الرحمة فهو ليس من الإسلام دين الرحمة والسلام.
إن الأوروبيين قد سلكوا كل سبيل في تشويه القيم الإسلامية والصرف عنها , وقد نال الجهاد الشيء الكثير من هذا، ولا أريد هنا أن أذكر الشبه التي افتعلوها على نظام الجهاد - فهي محل بحث مستقل - ليصوروا الجهاد في أنظار المسلمين بأنه أمر يجب التخلص منه بدون تردد.
ومع تصويرهم لنظام الجهاد بهذا الشكل يأخذون في تمجيد القيم المسيحية الغربية والتدليل على أنها دعوة للسلام ورسالة المحبة , ويربطون بين هذا وبين رقي الغرب المادي في كل مجال من مجالات الرقي والتقدم، ثم يقارنون ذلك مع تأخر المسلمين في كل مجال من مجالات الحياة , ويعللون ذلك بأن الإسلام هو سبب تأخرهم. ويصفون من يسير وإياهم في هذا الطريق ويؤمن بما يقولون بالتقدمية والتسامح , بينما يوصف من يرفض ذلك ويتهم بالرجعية والتزمت.
ومع كل ما مر يشجعون بل وينشرون الدعوات التي تدعي الإنسانية والتعاون بين كل البشر والتي تقول أيضًا: إن الأديان جاءت للرحمة والسلام والمحبة، ولهذا نرى الحركات الإنسانية المختلفة الأشكال والأساليب تنتشر في أغلب مناطق الإسلام، ولقد أصبحت الدعوات الإنسانية ستارًا لكثير من الدعوات الهدامة المنحرفة.
ويسير مع هذا تشجيعهم للدعوات الجديدة والمذاهب الحديثة كالوجودية والشيوعية وتكوين أحزاب تتبنى آراء غربية في السياسة والاقتصاد. ويشابه هذه الدعوات في أهدافها دعوى أن الإسلام دين لا دولة , ففي هذه الدعوات قصر للإسلام على الأفراد دون الجماعة، ففيه إلغاء للشخصية الإسلامية بشكلها الجماعي , وبالتالي يؤدي ذلك إلى إلغاء الجهاد الذي يقوم على أكتاف الجماعة.
ولتشجيعهم هذا وجه آخر وهو ترجمة الكتب الأجنبية الفكرية التي تبحث فيها الدعوات المختلفة والنظريات المتعددة , فهم يحاولون قصر الترجمة على هذا الشكل بهدف إبعاد ما يفيد المسلمين في حياتهم المادية (١) .
ومما عجلوا به نشر الفوضى الأخلاقية بين المسلمين، فالأمم بأخلاقها فإذا ذهبت أخلاقها ذهبت هذه الأمم، فشجعوا الانحرافات الجنسية , وروجوا بضاعة الجنس ترويجًا تامًّا في السينما والإذاعة والتلفزيون والمسارح والمجلات والكتب والصحف.
ولا أريد أن أطيل في هذا فهو معروف تمامًا , وهو من أخطر ما يمكن أن يصرف المسلمين عن دينهم وجهادهم وحتى أوطانهم وبلادهم، وأثره فيما نراه من جيوش الشباب الضائعين الذين يتكالبون على هذه الشهوات.
(١) يراجع في ذلك كتاب في وكر الهدامين، للدكتور محمد حسين