فلنستعرض ـ إذن ـ تفصيلات كل أسلوب من هذه الأساليب الثلاثة ـ طبعًا باختصار ـ لتتوضح أكثر فأكثر.
الأسلوب الأول:
خلق الخواء في الشخصية الحضارية الإسلامية، أو فلنعبر عنه بقطع الأواصر السليمة الأصيلة، بين الأمة وإسلامها في شتى الجهات، فإذا انقطعت العلائق خوى الوجود الإسلامي، وماتت الروح المطلوبة، وذوى النشاط والتأثير المفروض.
ونستطيع هنا أن نستعرض قائمة طويلة من تفصيلات هذه الخطة الماكرة إلا أننا سنقتصر على المهم منها , وهي:
١ ـ العمل على تأجيج الخلافات بين المسلمين، لكي ينسوا قضيتهم الكبرى، وينخرطوا في مشاكل جانبية، الكثير منها مصطنع، وهم إذ يفعلون ذلك يمهدون للنفوذ الأجنبي بلا ريب، ولو عن طريق شيء من الانتصار المذهبي الضيق على حساب الطرف الآخر. ولا ننسى في هذا الصدد، ما عمله المستشرقون الحاقدون في هذا المضمار، للإيقاع بين المسلمين، فضلًا عما كان للتركة التاريخية في هذا المجال من أثر محطم، وإلى جانب هذا التأجيج الخبيث، نجد عملية إلهاء المسلمين بقضايا فكرية جانبية، غاية أثرها أنها تصنع مواقف متباينة، من نمط من السلوك الفردي غير الطبيعي.
وقد وجدنا نظير ذلك، عندما التهى المسلمون ـ سابقًَا ـ بقضايا (خلق القرآن) وأكلت منهم هذه المسألة الجهد الكثير وربما سالت لأجلها دماء ودماء.