للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ ـ وعلى هذا الغرار، سعيًا لتمزيق الشخصية الإسلامية الواحدة، عمل الاستكبار العالمي على تفتيت كل عناصر الوحدة الأخر فراح ـ مثلًا ـ يحارب لغة القرآن (اللغة العربية) وذلك لدى غير العرب، في حين راح يروج اللغة العامية لدى المسلمين العرب، وهي عملية ماكرة خبيثة، تعمل على إبعاد الأمة عن مصادر الإشعاع، وتجعلها حِكرًا على جماعة متخصصين فقط، كما راح الاستعمار ـ من خلال عملائه ـ يمزق الأرض الإسلامية إلى دويلات صغيرة ـ بعد أن قضى على الدولة العثمانية ـ بشتى الأساليب الماكرة، وإذا تمزقت هذه الدويلات، راح يزرع مفهومًا ضيقًا للوطن، يتلخص في التراب الإيراني أو العراقي أو الكويتي أو اللبناني وما إلى ذلك، وتأكيدًا لهذا المعنى، راحت كل منطقة تدرس تاريخها الخاص بها، وتوسعة في التآمر، راحت المناطق تؤكد على تاريخها ـ هي ـ ما قبل الإسلام وما أدعته لأنفسها من حضارات سخيفة، وقد ساعدت الاستعمار ـ في ذلك ـ أحزاب قومية ومحلية خبيثة، أنشأها ـ هو ـ لتحقيق مراده في هذا المجال.

هذا بالإضافة إلى روح التمزق القومي التي خلقها ـ كأخطر فكرة وأخبثها ـ لتحقيق الهدف نفسه على صعيد آخر.

٣ ـ بث الشبهات العقائدية في أذهان الجيل الناشئ، ولما لم يكونوا بمستوى الرد عليها، فإن الشبهة سوف تتحكم في النفس، وحينئذٍ يتحقق الانفصام المطلوب.

٤ ـ تشجيع العزلة لدى العلماء، سواء العزلة عن البحث في القضايا الاجتماعية المهمة، أو عن المشاركة الاجتماعية الفعالة، واختيار التقوقع والزهد بمفهومه المنحرف، المبعد عن المسيرة الاجتماعية.

هذا من جهة، ومن جهة أخرى، العمل على خنق كل صوت علمي حر، يحاول أن يمد الجسور إلى لب العمل الاجتماعي، واتهامه وتجريحه وتحريفه، وتحريك الغوغاء ضده.

كل هذا لإيجاد الانفصام بين ورثة الأنبياء ـ وهم العلماء ـ والأمة، فلا تركن إلى ركن ركين، خبير بالأمور.

وإذا انسد على الأمة باب الفكر الأصيل، انفتح عليها باب الأوهام أو الفراغ ـ على الأقل ـ وهو المطلوب من قبلهم في هذه المرحلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>