للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ ـ توسيع الهوة بين الحياة القانونية والشريعة الإسلامية من خلال استيراد القوانين الغربية، وترويج لفكرة العلمانية، والوقوف بوجه أية محاولة تقنينية للشريعة الإسلامية وغير ذلك. مما أدى إلى البعد التدريجي للحياة الاجتماعية عن مخططات الشريعة (١) .

٦ ـ ترويج الفساد الأخلاقي بين أبناء الأمة، وذلك كمقدمة للفساد العقائدي.

وقد تم استغلال كل وسائل التمييع لبث الروح الشهوانية، وتحريك الغرائز في الشباب، والشهوة ـ إذا أثيرت ـ ملكت على المجتمع لبه، وهوت به في أحكام كاذبة، حتى غدا الشاب يشعر ـ مع ثور الشهوة ـ أن الإسلام هو الذي وقف سدًّا حائلًا بينه وبين إشباع لذاته المسعورة، متناسيًا كل المقاييس الواقعية النوعية، وكل الأضرار الناتجة عن هذه النظرة الثائرة، الأمر الذي يقوده ـ أحيانًا ـ للانضمام إلى معسكر الشك وربما الكفر في كثير من الأحيان.

والخلاصة: إن الاستعمار إذ يشيع هذه المادية الأخلاقية، فإنه يمهد السبيل للمادية العقائدية، إذ غالبًا ما تؤدي الحياة المادية التي يعيشها الإنسان إلى العقيدة المادية، تمامًا كما تؤدي العقيدة المادية إلى السلوك المادي المنحرف.

فإذا حدد الإنسان مركزه من الكون على أساس أن هذه الحياة هي كل الشوط وأنه يجب أن يشبع غريزة الذات فيه ـ تمامًا ـ منها، وأن لا شيء وراء المادة، إذا اعتقد ذلك فقد فتح الباب على مصراعيه؛ لأن يعب من اللذات، ويظلم الآخرين، وحينئذ يذوب عنده أي معنى للفضيلة والرذيلة، وسيكون لهؤلاء مستقبل مظلم ـ غالبًا ـ إذ سيفرون إلى المخدرات والمسكرات.

أما العكس، فواضح أيضًا، فالأخلاق والعمل، لهما تأثيرهما في تعميق الفكرة وإذابتها، إنهما يحولان الفكرة العقلية إلى أحاسيس وعواطف تصبغ سلوك الإنسان ولا يتأتى لأية فكرة ـ ما لم تتحول إلى هذا المستوى ـ أن تصبغ السلوك الإنساني.

إن العلاقة بين الإيمان والعمل علاقة تبادلية.

ثم إن المادية الخلقية، وما نعبر عنه ـ نحن ـ بالمعاصي، تبعد النفس عن مقام تلقي اللطف الإلهي، وهكذا يجد المنحرف أخلاقيًّا نفسه ـ في نهاية المطاف ـ مكذبًا بآيات الله: {ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ} (٢) .

في حين يقوم العمل الصالح بتعميق الفكرة والسمو بها: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} (٣) .

وعلى أي حال، فسوف نستعرض بعض الأساليب اللاأخلاقية، التي استخدمها الاستكبار العالمي، ليحقق هذه الغاية، عندما نتحدث عن الاختراق في جانبه الخاص بالشعب الإيراني.


(١) ولا ننسى أن نشير ـ هنا ـ إلى أن ضغط الجماهير المسلمة من جهة، ومحاولة بعض الحكام العملاء التخفيف من الضغط الجماهيري، وحماية أنفسهم من السقوط، دفعاهم لطرح فكرة التقنين من جديد، إلا أنها دعوة معروفة الدوافع والنتائج
(٢) سورة الروم: الآية ١٠
(٣) سورة فاطر: الآية: ١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>