للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقدم الدكتور دراز العديد من النظريات القرآنيا والقواعد والمبادئ التي جاء بها (١) فمن ذلك قوله (إن النفس الإنسانيه لا تتغذى بالحقائق النظريه وحدها فبجانب حاجة الإنسان إلى المعرفه والإعتقاد يحتاج في إلحاح إلى القاعدة العلمية القادرة على توجية نشاطه في كل لحظة من حياته، سواء في تصرفاته مع نفسه أو في عرقاته من غيره أو مع خالقه، ولقد قدم القرآن إلى هذه الحاجه النظام الوافى بأوسع وأدق طريقه ممكنه، وخط في كل فرع من فروع النشاط الإنسانى خطا واضحا يسلكه الإنسان في أمان واطمئنان) (٢)

ويقول رحمة الله: (إذا كان القرآن بعيدا عن أي عامل خارجى قد اثر بصفة دائمه على عقول جد مختلفه فلا بد أن يكون ذلك راجعا إلى ما له من جاذبيه خاصه بتوافقه الكامل مع أسلوب الناس الفطرى في التفكير والسعور، وبإستجابته لما تتطلع إليه نفوسهم شؤونه العقيده والسلوك، وبوضعه الحلول الناجعه للمشكلات الكبرى التي تقلق بالهم، وبمعنى آخر أنه ينطوى على ما يشبع حاجتهم إلى الحق والخير والجمال، بما يجمع من صفات العمل الدينى والأخلاقى والأدبى في آن واحد) (٣)

اما مرجليوت وطه حسين، فقد قدم الأول فرضه عن الشعر الجاهلى القائم على الشك فيه والقول بأنه منتحل لأنه لا يصور البيئة الجاهليه تصويرأ صحيحا. ثم جاء طه حسين في كتابة (فى الشعر الجاهلى) فكرر هذا الكلام ثم إنتقل إلى القرآن فذكر أنه اصدق من الشعر الجاهلى في تصوير البيئة، يريد من وراء ذلك أن يصل إلى أنه عمل إنسانى، ثم يشكك في قصة إبراهيم وإسماعيل كما ذكرهما القرآن.

أما القضية الثانيه وهى القول بأن القرآن عمل إنسانى فقد بحثناها بإستفاضه في البند أولا من هذا الفصل، وأما القضية الأولى وهى التشكيك في الشعر الجاهلى فإنها تتناول القرآن الكريم بشكل أو بآخر، ومن هنا كانت خطورة هذا المنهج الدراسى الغربى للشعر الجاهلى على القرآن الكريم، وفى هذا يقول الشيخ محمود شاكر: (لقد نشر مرجليوت فرضه سنة ١٩٥٢ في إحدى المجلات الاستشراقيه، وفى خلال عام ١٩٢٦ نشر طه حسين كتابه المشهور (فى الشعر الجاهلى) ، وربما لم يكن فرض مرجليوت ليحتوى على شيء خاص غير عادى لو أنه حين نشر لم يصادف ذلك الترحيب الحار من المجلات المستعربه ومن بعض الرسالات التي تقدم بها دكاترة عرب محدثون حتى لقد كسب هذا الفرض قيمة (المقياس الثابت) في دراسة الدكتور صباغ عن (المجاز في القرآن) فقد رفض هذا الدكتور رفضا مقصودا مغرضا للإعتراف بالشعر الجاهلى كحقيقة موضوعيه في تاريخ الأدب العربى، فالمشكلة بوضعها الراهن إذن تتجاوز نطاق الأدب والتاريخ وتهم مباشرة منهج التفسير القديم كله، ذلك المنهج القائم على المقارنة الأسلوبيه معتمدا على الشعر الجاهلى كحقيقة لا تقبل الجدل) (٤)


(١) انظر: مدخل إلى الرقآن الكريم: ص ١٠٦-١١٣، ص: ١٧٥-١٧٩.
(٢) المصدر السابق: ص ٨٧.
(٣) المصدر السابق: ص ٦٩.
(٤) مقدمه الظاهرة القرآنية: ص ٥٦-٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>