للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا – الضعف الفكري، والتفكك الاجتماعي:

لقد أصيب المجتمع الإسلامي بالضعف الفكري والتفكك الاجتماعي، وذاق من جراء تلك الإصابة مرارة التأخر والضعف الفكري ما أصيبت به أمة من الأمم أو مجتمع من المجتمعات إلا كانت الحالة انحطاطًا في التفكير واهتمامًا بالخرافات والأساطير.

والتفكك الاجتماعي نتيجة حتمية للضعف الفكري، لأن الضعف الفكري لا يكشف للإنسان مخاطر الانزلاق في الهاوية، ولهذا نجد أن المجتمعات الإسلامية ابتليت بالطوائف المتعددة والمتناحرة، والمذهبية التعصبية، وتعدد السلطنات والدويلات التي قامت على أساس شعوبي أو مذهبي، في هذا المجتمع أو ذاك.

وهذا كله جر المجتمع الإسلامي إلى فوضى قاتلة وتناحر حقيقي وسلب ونهب وقتل دون رادع أو وازع.. ومجتمع كهذا لابد وأن يتعرض لسيطرة المتربصين به. لقد كانت السلطة السياسية في المجتمعات الإسلامية تعيش في وضع مقلوب (في ذلك الوضع لابد أن تكتمل الصورة المقيتة لأي إمبراطورية على وشك السقوط، بغض النظر عن اللافتة التي ترفعها، سواء كانت إمبراطورية فارسية، أو بيزنطية، أو رومانية، أو عباسية. لابد أن تتفشى الرشوة، وتكثر مصادرة الأموال، وتتفاقم الاضطرابات الداخلية، مع الانحلال الخلقي، والانشغال بالتوافه عن الخطر الذي يدق الأبواب) (١)

وأساس انهيار الأمم يبدأ من الداخل، وقد يأتي تدخل خارجي ليعجل بالسقوط، ولكن يظل الانهيار الداخلي هو بداية النهاية وعاملها الأكبر، ويأتي الانهيار الداخلي حين تتكون طبقة مترفة تتحكم في الثروة، وفي الجماهير، فتنشر الظلم والانحلال، وتحيل حياة الأكثرية إلى جحيم تهون فيه الحياة (٢) .

لاشك أن المة الإسلامية عاشت فترات من حياتها، كانت سببا في تأخرها وغفلتها، وطمع الطامعين في مجتمعاتها.


(١) انظر الشيخ محمد الغزالي، تراثنا الفكري في ميزان الشرع والعقل: ص ١١٠، طبعة دار الشروق، بيروت
(٢) راجع المصدر السابق: ص ١١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>