وأي أمة تضعف في أفكارها، ولا تعرف إلَّا القشور من أمرها، وتعيش في تناحر وتمزق لابد وأن تسقط، وينال منها من كان يهابها.
خامسًا – تخلف الشعوب الإسلامية عن ركب الحضارة:
إن المجتمعات الإسلامية حين أصابها الضعف الفكري، والتفكك الإجتماعي، انشغلت بالتافه من الأمور، فقادتها التفاهة إلى التخلف عن ركب العلم والتقدم والحضارة.. ومعنى هذا، أن المجتمعات الإسلامية انصرفت عن تعاليم الإسلام التي تدعو إلى العلم والمعرفة واستعمال العقل والفكر في كل ما من شأنه أن يأخذ بالناس إلى الطريق السليم، (وواكب هذا الانصراف انحطاط في القيم، ودعوات إلى الركون إلى المتع , والعبث بالأموال إلى حد السفه والجنون، والترف والفجور، حتى كان قواد هذا الركب في كل ناد وكل صحيفة مع جهل ضارب، ونفاق ناشب أظفاره، وفساد في كل مجتمع وناد، وتصارع على كل تافه وخسيس من المادة، وخراب للذمم، وبيع للشرف، وكره للقيم، وضياع للحق، وهضم للحقوق، وذبح للفضيلة)(١) .
وكان وضع البلاد الإسلامية كما صوره شاعر تركيا الإسلامي الكبير محمد عاكف: (يسألني الناس أنك كنت في الشرق مدة طويلة. فما الذي شهدت يا ترى، وما عسى أن يكون جوابي؟ أننى أقول لهم: إنني رأيت الشرق من أقصاه، فما رأيت إلَّا قرى مقفرة وشعوبًا لا راعي لها، وجسورًا متهدمة، وأنهارًا معطلة، وشوارع موحشة، رأيت وجوهًا هزيلة متجعدة، وظهورًا منحنية، ورؤوسًا فارغة، وقلوبًا جامدة، وعقولًا منحرفة.