للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيت أئمة لا تابع لهم، ورأيت أخا يعادي أخاه، ورأيت نهارا لا غاية له، ولا هدف، ورأيت ليالي حالكة طويلة، لا يعقبها صباح مسفر، ونهار مشرق) (١) .

هذا التخلف أضعف الثقة بالنفس، وأوقف عجلة التقدم والانطلاق في الشعوب الإسلامية، وجعلها تعتمد في كل شيء على غيرها، إن التخلف العقلي لا يكمن في عدم الذهاب إلى الجامعات، واكتساب المعارف فقط، بقدر ما يمكن في التبلد والخمول، والنوم والرضاء بالدون، وموت الهمة (٢) .

ومن المؤكد أن الأمة التي تفضل أو ترضى بالتواكل والاستجداء والكسل والتبعية أمة لا تستحق الحياة الكريمة، والحياة الحرة الكريمة لا تتأتى لأمة دون ثمن، والثمن هو التضحية، ولا يتأتى لأمة أن تشق طريقها في الحياة، وأن تستعيد وجودها وكرامتها، وتعيد صنع حياتها، دون أن تحاول جاهدة أن تبني نفسها بناء يتفق مع الاعتداد بالذات..

وقد يكون من المسلمات البديهية: أن ضعف الأمة في جوهره وجذوره، ليس ضعفًا في قوة الدفاع، أو في القوة العسكرية، وإنما يكمن في ذل النفوس، وشعورها بالضعف.

وقد يكون من المسلمات البديهية أيضًا أن فقر الأمة في جوهره وجذوره ليس فقرًا في السلاح والمعدات، أو فقرًا في المال والإمكانات، وإنما يكمن في فقر النفوس وعجزها، وضعف الإرادة واضطرابها (٣) .

فالتخلف عن ركب التقدم والحضارة يعود بالمجتمعات الإسلامية إلى الانحطاط، ويقودها طواعية إلى الهلاك كما تقاد الشاة إلى حتفها بظلفها، ولذا كان هذا التخلف عاملًا من عوامل الغزو الفكري الذي اجتاح البلاد والعباد.


(١) راجع الدكتور توفيق يوسف الواعي، الحضارة الإسلامية مقارنة بالحضارة الغربية: ص ٦٩٦؛ وانظر أبا الحسن الندوي، الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية: ص ٣٥
(٢) انظر الدكتور توفيق الواعي، الحضارة الإسلامية، مقارنة بالحضارة الغربية: ص ٦٩٨
(٣) انظر: الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح، معارك حاسمة في حياة المسلمين: ص ١٥٤، ١٥٥، طبعة دار اللواء بالسعودية ١٤٠٩ هـ

<<  <  ج: ص:  >  >>