للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إننا هنا بمواجهة تجربة من نوع خاص، وشبكة من العوامل والمؤثرات تند عن حدود مملكة العقل، وتستعصي على التحليل المنطقي الاعتيادي المألوف، ومن ثم فإن محاولة قسرها على الخضوع لمقولات العقل الصرف، ومعطيات المنطق المتوارثة لا يقود إلى نتائج خاطئة حينًا ولا تستعصي عليه بعض الظواهر حينًا آخر فحسب، بل إنه يقوم بما يمكن اعتباره جريمة قتل بشكل من الأشكال، أو محاولة لتفحص الجسد البشري، كما لو كان في حالة سكون مطلق بعيدًا عن تأثيرات الروح وتعقيدات الحياة (١) .

وإن الدين والغيب والروح والوحي والقضاء والقدر، وما اتصل بهذا من أمور العقائد ليس بمقدور الحس أو العقل أن يدلي بكلمته فيها إلا بمقدار، وتبقى المساحات الأكثر عمقًا وامتدادًا بعيدة عن حدود عمل الحواس وتحليلات العقل والمنطق.

ثانيًا: نقد المنهج الذي التزم به المستشرقون في معالجة قضايا العقيدة الإسلامية، ونقد المنهج هو خطوة حاسمة وضرورية قبل البدء في نقد ما جاء من أخطاء وافتراءات في مجال العقيدة؛ لأن: (مناقشة أي من المستشرقين على مستوى التفاصيل والجزئيات، لا تغني شيئًا لأنها ستكون بمثابة نقد موقوت يتحرك على السطح، ويستهلك نفسه في الجزئيات دون أن يبحث عن الجذور العميقة التي تظل تنبت الشوك والحسك.

والجذور العميقة هي المنهج الخاطئ الذي تقوم عليه أبحاث هؤلاء المستشرقون، فإذا استطعنا أن نضع أيدينا على عيوب المنهج وشروخه استطعنا معرفة المنبع الذي يتمخض عنه تيار الأخطاء الموضوعية، وخلخلة الأسس التي جاءت بهذه الثمار المرة، واقتلاعها (٢) .


(١) المصدر السابق: ص٦
(٢) المصدر السابق: ص٨

<<  <  ج: ص:  >  >>