للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر عقيدة الإسلام:

وهذا الفهم العميق الشامل لعقيدة الإسلام وما انبثق عنها من فكر ومثل وأخلاق ونظم وحكم وسياسة وعلم واقتصاد وشريعة وثقافة وحضارة هو الذي حدا المسلمين أن يقوموا بدور رائد في الفكر الإنسانى وحضارته وثقافته، فهم رواد المعرفه الإنسانية بكل أبعادها , ومنقحي سلوك هذا الذي استخلفه الله في الأرض واستعمره فيها.

وبهذه العقيدة نشر المسلمون دين الله الحق، ودحروا الإمبراطوريات , ويكفينا دليلًا على أن قوة عقيدة الإسلام هي التي تجعل المؤمن يسعى إلى الشهادة وإلى العمل في سبيل الخير العام ما حدث في غزو بدر من (١) الصحابى الجليل عمير بن الحمام الأنصارى، فإنه لما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه: ((قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض، فقال: يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض؟!)) ولما رد عليه الرسول بالإيجاب. قال: بَخ بَخ. قال رسول الله: وما حملك على القول: بخ بخ؟ قال: لا، والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها. فقال: فأنت من أهلها.. فألقى تمرات كان يأكلها، إذ رأى أن الوقت الكافى لأكلها طويل، وهو في شوقه إلى لقاء ربه وتفضيل ما لديه من الرضا لم يعبأ بهذه الحياة الفانية , بل تعجل ما وعده به تصديقًا لنبيه فانطلق إلى الشهادة، انطلق إلى جنة عرضها السماوات والأرض، انطلق إلى الحياة الحقيقية فرحًا بما أتاه من فضله: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} (٢)


(١) انظر القصة في فقه السيرة، للداعية محمد الغزالى عند الحديث عن موقعة بدر الكبرى
(٢) سورة آل عمران: الآيات ١٦٩-١٧١

<<  <  ج: ص:  >  >>