للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا عاد الإنسان - أي إنسان - بهدوء ومن غير خلفيات، نظر من غير غشاوة، وتمعن في حروب المسلمين مع أعداء الإسلام، وجد أن القاعدة المحورية في إنتصاراتهم كانت تلك العقيدة الصادقه، وإلا كيف تعلل قيام حفنة من الناس عزل تقريبًا من السلاح للتصدى لألف مدججين بالسلاح، كما في غزو بدر الكبرى، وفى مواقع كثيرة: في القادسية، في اليرموك، وفى معركة طارق بن زياد مع الملك لذريق وفى غيرها كثير ... فالمسلمون انتصروا بقوة هذه العقيدة في نفوسهم وما تستلزمه من طاعة ربهم ورسولهم. وهذا واضح في كلام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه في وصاياه إلى سعد بن أبي وقاص ومن معه من الأجناد: (أما بعد فإنى آمرك ومن معك من الأجناد بتقوى الله على كل حال، فإن تقوى الله أفضل العدة على العدو، وأقوى المكيدة في الحرب، وآمرك ومن معك بأن تكونوا أشد احتراسًا من المعاصى منكم من عدوكم , فإن ذنوب الجيش أخوف عليهم من عدوهم، وإنما ينصر المسلمون بمعصية عدوهم لله، ولولا ذلك لم تكن لنا بهم قوة، لأن عددنا ليس كعددهم ولا عدتنا كعدتهم، فإن أستوينا في المعصية كان لهم الفضل علينا في القوة، وإلا لم ننصر عليهم بفضلنا لم نغلبهم بقوتنا) . (١)

والفيصل في هذا قوله تبارك وتعالى في الذكر الحكيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (٢) .

وأما عبدة الله على حرف الذين إذا أصابوا خيرا اطمأنوا به , وإن أصابتهم فتنة انقلبوا على وجوههم، فهم الخاسرين دنياهم وأخراهم، وذلك هو الخسران المبين. وأخاف أن يكون هذا حال كثير من الذين يدعون الإسلام {لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ} (٣)


(١) انظر العقد الفريد
(٢) سورة محمد: الآية ٧
(٣) سورة فصلت: الآية ٤٩

<<  <  ج: ص:  >  >>