للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمحزن أن تمر هذه المواقف علينا نحن المسلمين ونستصغرها , وهى عظيمة بعيدة المدى واضحة المعنى، قوية التعبير، تنم على الحقد والضغينة والكيد والمكر، وقد أثبتت تصرفات أعداء الإسلام، ومؤامراتهم ما تعنى كلمة اللورد اللنبى، فقد أخلفوا كل وعودهم، ونفذوا ما كانوا يبيتونه ويتواصون عليه أبًا عن جد، وجيلًا عن جيل، ويضحكون على طيبتنا وبلادتنا.

فبعد أن أغروا بعضنا ببعض وزودوا بالسلاح.. وخدعوا بالوعود الخلابة ... انتهوا من تقطيع أوصال أمة الإسلام، فها نحن اليوم بعد كل اللكمات لا زلنا نغط.. بلا وعى، ويتكالب بعضنا على بعض، تُحاك المؤامرات، وتشُن الحروب، ويستنجد بالأعداء الذين يراقبون عن كثب ما يجرى في الميدان، ويزيدون النار اشتعالًا ويزرعون الفتن، ويغرسون إسرائيل في قلب أمة الإسلام، ويسارعون إلى احتضانها بعد أن قضوا على آخر رمز للخلافة الإسلامية (فانفرط العقد) , فيؤججون القوميات الجاهلية التي اتخذت سلاحًا للفتك بالإسلام والمسلمين , وكأن هؤلاء المسلمين لم يعلموا بما فعل رسولهم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام عند وصوله إلى يثرب، وهو في صدد وضع أول نواة لدولة الإسلام ومجتمع الإسلام حين آخى بين المهاجرين والأنصار على أساس من رابطة الإيمان التي هي أقوى من رابطة الدم في الإسلام، ومعروف قوله لدى كثير من المسلمين في حجة الوداع: ((كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربى على عجمى، ولا لعجمى على عربى، ولا لأبيض على أسود، ولا لأسود على أبيض إلا بتقوى الله)) . والذكر الحكيم صريح، ولا يحتمل أي تأويل: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (١)

ثم بعد هذا يعطى المسلم الفرصة لأعداء دينه أن يضلوه ويشحنوه بأيديولوجيات عُرفت معارضتها - بالضرورة - لدينه , فيتحول إلى آلة مدمرة تعمل لتقويض أمته، والقضاء على نفسه، فيخرب بيته بيده وبأيدى أعداء أمته.


(١) سورة الحجرات: الآية ١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>