للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنطلقات المحورية للغزو الفكرى:

إن الاكتساح الفكرى يتم عن طريق مؤسسات معينة متخصصة في التعليم والتوجيه، ونشر الأكاذيب والافتراءات ضد الإسلام، وتلقينها وبثها في أوساط الشباب (خاصة) ، والترويج لها بوسائل وبطرق نفسية مدروسة.

أولًا – التعليم:

والتعليم هو الوعاء العام الذي حمل وسرب عن طريقه كل السموم الضارة، والجراثيم الوبائية القاتلة، والأفكار الهدامة الملحدة، والثقافة المائعة المنحلة، هو أصل الشجرة التي امتدات منها الفروع ومن الفروع الأغصان.

فعن طريق التعليم نشرت القوميات التي مزقت أمة الإسلام، وعن طريق التعليم رسخت أساسيات العلمانية، علمانية الدولة، علمانية التربية، علمانية الفكر، وعن طريقه انطلقت سهام الفكر الضال الذي يستهدف تحطيم المثل التي قام عليها الإسلام، وشيدت عليها حضارتها، وعن طريق التعليم انبثق من أمة الإسلام علماء ومفكرون وأدباء ومذيعون وفنانون وصحفيون كرسوا حياتهم لنقض الأسس التي قامت عليها حضارة الإسلام، أتوا بكل باطل مموه، فأفسدوا الأخلاق ومزقوا شعوب الإسلام، وأصابوا النفوس بالإحباط، ومركب النقص ...

وكان من الطبيعي أن يكون أول غرض لسهام الغزو الفكرى التعليم، وبمعناه العام أي بإدخال التربية فيه، بمعناها الخاص. فهم يدركون أهمية التعليم كسلاح فعال عند توجيهه إلى الخير، وعند توجيهه إلى الشر، فعن طريقه تتم السيطرة على الإنسان، وإذا تمت السيطرة على الإنسان، تمت السيطرة على الأرض واستغلالها بربح وفير ومن غير عناء.

والمثال التالي يأتي من مصر، وينسحب على كل بلاد الإسلام، بل في كل أرض فيها الاستعمار، وهو من تقرير "لورد كرومر" لسنة ١٩٠٦م:

"التعليم الوطني عندما قدم الإنجليز إلى مصر كان في قبضة الجامعة الأزهرية الشديدة التمسك بالدين والتي كانت أساليبها الجافة القديمة تقف حاجزًا في طريق أي إصلاح تعليمي، وكان الطلبة الذين يتخرجون في هذه الجامعة يحملون معهم قدرًا عظيمًا من غرور التعصب الديني , ولا يصيبون إلا قدرًا ضئيلًا من مرونة التفكير والتقدير، فلو أمكن تطوير الأزهر عن طريق حركة تنبعث من داخله لكانت هذه خطوة جليلة الخطر.

ولكن إذا بدا أن مثل هذا الأمر غير متيسر تحقيقه، فحينئذ يصبح الأمل محصورًا في إصلاح التعليم الذي ينافس الأزهر نفسه أمام أحد أمرين: فإما أن يتطور، وأما أن يموت ويختفي" (١) . ويضيف المستشرق (جب) : "وفي أثناء الجزء الأخير من القرن التاسع عشر نفذت هذه الخطوة لأبعد من ذلك بإنماء التعليم العلماني تحت أشراف الإنجليز في مصر والهند ". (٢) .


(١) نقلا عن: الدكتور على محمد جريشة، ومحمد شريف الزيبق. في أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي: ص ٦٢، ٦٣. طبعة دار الاعتصام. سنه ١٣٩٧ هـ / ١٩٧٧ م
(٢) نقلا عن: الدكتور على محمد جريشة، ومحمد شريف الزيبق. في أساليب الغزو الفكري للعالم الإسلامي: ص ٦٢، ٦٣. طبعة دار الاعتصام. سنه ١٣٩٧ هـ / ١٩٧٧م

<<  <  ج: ص:  >  >>