للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا (زويمر) أحد زعماء التبشير يقول على جبل الزيتون في القدس إبان الاحتلال الإنجليزي لفلسطين سنة ١٣٥٤ هـ / ١٩٣٥ م: "لقد قبضنا أيها الإخوان في هذه الحقبة من الدهر من ثلث القرن التاسع عشر إلى يومنا هذا على جميع برامج التعليم في الممالك الإسلامية، وإنكم أعددتم نشئًا في ديار المسلمين لا يعرف الصلة بالله، ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في الأخلاقية، وبالتالي جاء النشء الإسلامي طبقًا لما أراده له الاستعمار المسيحي لا يهتم بالعظائم، ويحب الراحة والكسل، ولا يعرف همه في دنياه إلا في الشهوات ... فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات، وإن تبوء أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات يجود بكل شئ". (١) وهذه النصوص تلقى الضوء على ما يختمر في عقول غزاة العالم الإسلامي وما بيتوه ـ في وقت مبكر ـ لاقتلاع أسس الفكر الإسلامي وحضارته. فقد كانت التربية والتعليم أول ميدان يتجهون عليه، وهم بلا شك يعملون أن هذا الميدان هو المصنع الخاص بتشكيل الإنسان وتوجيهه حيث يراد ... لم يقصروا، وقد وضعوا في الحسبان تكوين جيش مدرب مجهز بوسائل الغزو، ليضمنوا النجاح الباهر، فكان التركيز على التعليم لتكوين الناشئة على هواهم وعلى أسس تقوم على قطع صلتها بماضيها وحضارتها وثقافتها، فنشأ جيل وبعده أجيال لا تعرف من تاريخها إلا النقاط المظلمة. الافتراءات المضلة والأكاذيب المتعمدة فلم يروا إلا حكم الفرد والاستبداد والظلم وكبت الحريات وقصور الحريم والجواري ومجلس الخمر وسهرات الحشيش والغناء، ومع كل أنواع الانحراف الخلقي.

فجاءت الأجيال لا تعرف من دينها إلا أنه هو العائق لها، والحائل بينها وبين التقدم والازدهار واللحاق بركب حضارة الغرب. فهو دين همجي لا يصلح إلا للبدو في مفازة الصحراء، وإلا للرعاع في الأدغال والغابات, أما الحضارة، أما الرقى والازدهار، أما الفكر المهذب العالي فلا يعرف أي شيء من هذا.


(١) نفس المصدر السابق

<<  <  ج: ص:  >  >>