وبعد أن تأكد الغزاة من نجاح عملية التكوين، وتمت مراقبة هذه الأجيال المقطوعة الصلة بثقافتها وأعرافها، المشوه تاريخها وحضارتها، (وبعد أن أثبتوا جدارتهم وإخلاصهم لحضارة الغزاة وفكرها وثقافتها، وتأكدوا من شغفهم بها، وانبهارهم بمظاهرها وبهرجتها، سلموا لهم مقاليد الأمور من سياسة وتعليمية واقتصادية وتشريعية وتوجيهية، فصار مثلهم الأعلى أن يقتربوا ولو بشبر من حضارة سادتهم، إذ ما عداها ليس إلا رجعية وتأخرًّا وتزمتًا) . وقديمًا قال ابن خلدون رحمه الله:(إن المغلوب دائمًا مولع بتقليد الغالب) . فقد اندفع هؤلاء يبذلون كل جهد في (تغريب) الشباب وزرع عقدة الشعور بالنقص، وفقدان الشخصية الإسلامية, حتى برز من بين هؤلاء أعداد جمعوا كل قواهم، وطرحوا كل قناع، فتبجحوا بأفكارهم، أفكار كلها افتراء وتهجم على الإسلام وتشنيع عليه، محاولة مخططة لزعزعة عقيدته من قلوب الجماهير التي لم تزل تقدس عقيدتها، وتتمسك بكل ما يمت إليها بصله رغم ما تعرضت، وتتعرض له من حرب نفسية في المدرسة , في الشارع , في الصحافة , في الإذاعة، في التلفزة بل وفي كل وسائل التعبير الأخرى من مسرح وسينما ورسم ونحت ... (١)
(١) القاسم البيهقي المختار. التحدي الفكري وآثاره في المجتمعات الإسلامية المعاصرة. بحث قدم إلى ملتقى الفكر الإسلامي الثالث والعشرين. تبسه. الجزائر.