للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريف كلمة (Secularism) (هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بالحياة الدنيا وحدها، ذلك أنه كان لدى الناس في العصور الوسطى رغبة شديدة في العزوف عن الدنيا والتأمل في الله واليوم الآخرة. ومن أجل مقاومة هذه الرغبة طفقت ال ـ (Secularism) تعرض نفسها من خلال تنمية النزعة الإنسانية ... حيث بدأ الناس في عصر النهضة يظهرون تعقلهم الشديد بالإنجازات الثقافية البشرية، وبإمكانية تحقيق طموحاتهم في هذه الحياة القريبة ... وظل الاتجاه إلى الـ (Secularism) يتطور باستمرار خلال التاريخ الحديث كله باعتبارها حركة مضادة للدين ومضادة للمسيحية) . (١) .

وفي المنهل قاموس عربي فرنسي تأليف الدكتور جبور عبد النور، والدكتور سُهيل إدريس. بيروت: (لائك لا ديني (Laique) مذهب أنصار اللادينية في المؤسسات، علمانية (Laicism) فنبذ الدين وإقصاؤه عن الحياة العلمية هو لب العلمانية) . (٢) .

والعلمانية اصطلاح حديث يقصد به ما ليس دينيًّا أو كهنوتيًّا (٣) . والذي لا يتطرق إليه الشك أن العلمانية (Liacism) كانت مصدر شر مستطير هدام في العالم الإسلامي وفي العالم أجمع, فقد أصبحت قاعدة في الحكم, فصارت الدولة لا دينية, ودخلت في التعليم، وهو رأيي أخطر مؤسسة وصل إليها الفكر البشرى لتشكيل الفرد ومن ورائه الجماعة، إذ الفرد ما هو إلا لبنة المجتمع، وكل بناء سواء كان ماديًّا أو معنويًّا يشاد على أساس ولبنات , فإن كانت هذه اللبنات سليمة وصالحة صار البناء قويًّا , وإن كان العكس أصبح ضعيفًا هشًّا. فلا دينية التعليم والتربية التي فرضت بالقوة ـ في البداية ـ على بلاد الإسلام هي التي سممت العقول والفكر وخلقت جيلًا ضلل , فأصبح أداة هدم من الداخل ومعاول تحطيم بما سلط وبث من فكر سام، فكر مبتور عن تاريخ الأمة الإسلامية وتراثها وحضارتها , ثم أصبح القادة من هذا الجيل فصاروا الأيدي التي تتحرك بعوامل الغزو الفكري الغربي، فمكنوا له في الدولة ونبذوا دين الله كما هو طلب المحركين لهم من وراء الحجاب, وأقصوه عن الحياة العلمية والعملية، وطردوه عن جميع المؤسسات، ومنعوه من الاقتراب من المجتمع، وضربوا عليه الحصار في كل مكان (ودروشوا) من يتظاهر به، وسخروا منه، وقرروا إيداعه في كهف قصي مظلم في متحف التاريخ.


(١) عن الأستاذ محمد قطب، مذاهب فكرية معاصرة: ص٤٤٥. دار الشروق
(٢) مذاهب فكرية /عن الأستاذ محمد قطب، مذاهب فكرية معاصرة: ص٤٤٥. دار الشروق
(٣) الأستاذ فتحي رضوان. (اقرأ) ٣٧٧: ص ١٨٤، دار المعارف، القاهرة

<<  <  ج: ص:  >  >>