للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان الغرب المسيحي قد عرف في تاريخه تسلط الكنيسة على الكادحين، وتحالفها مع الإقطاعيين ومع الملوك والنبلاء من ديوك وبارونات ودوقات؛ لاستعمار الطبقات الكادحة، وتاجرت في صكوك الغفران، ونصبت محاكم التفتيش وسجنت العلماء, فما جريرة الإسلام في أن يوضع مع الكنيسة في قفص اتهام واحد!!؟ ويعزل عن شؤون الحياة اليومية ويحبس بين جدران المساجد، ويتلقى الخطباء يوم جمع تعاليم صارمة تقص ألسنتهم , بل تشتت أفكارهم من هولها وتنتشر بين المصلين الشرطة السرية. وإذا تمرد متمرد غمرته كرامة الإسلام وأبت له أن يكون آلة لتخدير المسلمين، فانطلق لسانه بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالتنديد بالظلم والظالمين، منع بعد ذلك من الوقوف خطيبًا، وهذا أهون عقاب، إن لم يزج في السجن متهمًا بالإخلال بالأمن العام أو حتى بالتآمر على أمن الدولة، وهي جريمة يعاقب عليها القانون.

إن فرض اللادينية = العلمانية، على الإسلام والمسلمين مجاف للإسلام ومناقض لأسسه وسيرته، وفصل الدين عن الدولة ليس من الإسلام في شئ، وانفصامية الدين والدولة يتعارض أساسًا مع شمولية الإسلام، وإذا فصل الدين عن الدولة صار شيئا آخر، وادعه ما تشاء..، أما أن يكون إسلامًا فلا.

فالإسلام لا تبتر أطرافه، وإذا بترت صار غير دين الله الحق الذي أنزله على عبده ورسوله محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ واستمسك به عقيدة، وطبقه شعيرة وشريعة، وكان مسجده في المدينة المنورة منطلق دعوته، تقام فيه الصلوات وينبعث منه الفكر الهادي، وتعالج فيه جميع شؤون المسلمين، وتدبر فيه الخطط لنشر الإسلام والدفاع عنه. ولا أدرى هل هذا يسمى سياسة، ويمنعه دعاة اللادينية.

<<  <  ج: ص:  >  >>