بناء على المشاهد أصبح الإسلام إسلامين: إسلام العقيدة المتغلغة في النفوس المسيطرة على الشعور الموجه للسلوك الصامدة في وجه التيارات الفكرية المعادية للإسلام، إسلام السواد الأعظم من أبناء الإسلام.
إسلام بعض رجال السياسة الذين يرون الدين الحق خطرًا على مراكزهم ومصالحهم التي في معظمها لا تعكس ولا تستجيب لمصالح الجمهرة المسلمة الصحيحة الإيمان، فبعض الساسة في بلاد الإسلام سواء أكانوا حكامًا أو رؤساء أحزاب أو منظمات، يتوددون ويتملقون الجماهير المسلمة باسم الإسلام، وليس هذا إلا خداعًا بدليل أن الأحزاب الشيوعية تفعل نفس الشيء، وغير الشيوعية من تلك الزعامات كالشيوعية إذ لا يمكنها بحال أن تسير في ركب الإسلام، ولا أن تطبقه، وكل ما تفعل إذا تظاهرت بالإسلام أن تكتفي بأضعف الإيمان، وفي الواقع ليست لديها شجاعة المؤمن. إذ أن محاولة تطبيق الإسلام تجعلها تواجه الغزو الفكري وأعوانه على الطريق الواضح، وهذا ما لا يرغب فيه أحد منهم لأن مصالحهم ارتبطت بمصالح الغرب.
ومن أجل أن ينالوا رضاء سادة العالم المعاصر، ويحتفظوا بمناصبهم، عليهم أن يموّهوا على الشعور الإسلامي ويضللوا شعوبه، ويمثل إرضاءهم لأعداء الإسلام ما نراه من الملاحقات للجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي، واختلاق الأكاذيب ضدها، وافتعال مواقف معينه تآمرية لضربها أو وأدها في مهدها، أو حصارها في مواضع تختنق فيها. ومن الغريب أن في البلاد الإسلامية من يتشدق بحرية الرأي ويدعى الديمقراطية على سنة الغرب، ويتباهى بذلك، ويسمح بقيام بعض الأحزاب وحتى الشيوعية، ولكنه إذا فاحت رائحة الإسلام من تنظيم أزكمته، لأنها رائحة كريهة لا تتفق مع ذوق سيد متحضر، فيلجأ إلى جميع الوسائل المشروعة وغير المشروعة لضربه, وبعض دولنا تخاف أن تغضب سادة العالم المعاصر فتُتَّهم بالرجعية أن بالإرهاب إن هي سمحت بقيام أحزاب إسلامية، وللإنسان أن يتساءل: أحقا نحن مستقلون!؟
إن الغرب الذي يقلده بعض الناس، يتفانى بعض الحكام في إرضائه توجد فيه أحزاب دينية (مسيحية) ولكن لم نسمع في يوم من الأيام أن هذه الدول وصمت بالرجعية أو الإرهاب أو بالأصولية, أو أن حزبًا مسيحيًّا نجح في الانتخابات، فقامت القيامة قبل أوانها، وعصفت بإرادة الشعب. وهذا يدعو إلى سؤال عن مفهوم الديمقراطية، والحرية؟ وسؤال أخير: لماذا نحن المسلمين نمسح أحذية المستعمرين، وتتفانى في إرضائهم، فيركلوننا بأحذيتهم؟ ألا يتناقض هذا مع الإيمان بالله الواحد الأحد؟ أين الإسلام وكرامته؟ أين الإيمان وعزته؟ أين قول الله تبارك وتعالى {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ}(١) .