للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نداء إلى أهل النوايا الصادقة:

إن هذا النداء موجه إلى أهل النوايا الصادقة من الساسة والعلماء والمفكرين، وإلى كل غيور على مستقبل دينه ومستقبل أمته ومستقبل فكره وثقافته وحضارته وشخصيته المتميزة وكرامته ... ليهبوا لحماية الإسلام. فإن أي مطلع على التاريخ، منذ بزوغ نور الإسلام بين جبال مكة المكرمة، وأمر الله سبحانه وتعالى عبده ورسوله محمد بن عبد الله أن يصدع بما يؤمر به، وأن يعرض عن المشركين، يرى أن الإسلام دخل في صراع مع الباطل، وتصدى محمد (صلى الله عليه وسلم) لكل أنواع الضلال، وواجه وحده الجماهير الضالة والزعامات الفاسدة، وصمد وانتصر بالحق، ولم يرحل إلى الرفيق الأعلى إلا والدولة الإسلامية قد قامت على أسس الإيمان، والعدل المطلق، وأصبحت مدينته موئل هذا الدين ومركزه النشط، وانطلق موكب الإسلام يضئ القلوب، ويهدى النفوس، ويزيل الظلم ويحقق العدل، ويكون ممالك وإمبراطوريات ويمتن الصلات بين الأجناس والشعوب المختلفة التقاليد واللغات والألوان وأنماط السلوك. فأصبح المسلم في وطنه الكبير لا يعوقه أي عائق, ففي كل مكان يرتفع الأذان يشعر بالطمأنينة والأنس، فكل مسلم له أخ وكل مسلمة لها أخت, ولكن أعداء الإسلام لم يلقوا السلاح ولن يلقوه، واستمر الإسلام في صموده أمامهم، فقابل التتار، وناضل الصليبين، فبرز من بين المسلمين رجال شهد لهم التاريخ في الدفاع عن عقيدة التوحيد. فبرز صلاح الدين الأيوبي، والمظفر قطز، والظاهر بيبرس، ويوسف بن تاشفين ...

وتابعت مسيرة الإسلام خطاها صامدة بفضل عقيدته المركزية، عقيدة تشمل كل جوانب الحياة البشرية، وهذا الشمول جعل الإسلام يتعرض لخطط غزو جهنمية متصلة الحلقات منذ الحروب الصليبية وحتى يومنا الحاضر، وستستمر إلى ما شاء الله، ومن المؤسف أن ضعف المسلمين في هذا العصر كشفهم لغزو فكرى عميق تغلغل في حياتهم بعد سقوطهم في يد الاستعمار, واستفاد من وسائل العصر التكنولوجي، فوسائل الإعلام العملاقة من إذاعة وتلفزة وصحافة، وإمكانيات النشر، وما تحمله من فكر وغير مسموم تتسلل ـ برضا منا أو بغير رضا ـ إلى حياتنا اليومية. وفي الماضي كان الغزو الثقافي يتحرك ببطء ويصل بعد زمن، وقد يكون تأثيره بعد مدة طويلة، وبوسائل الغزو العسكري أو بالتبادل التجاري.

<<  <  ج: ص:  >  >>