للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإنسان يأخذ بعضه عن بعض:

إن أحدًا لا يستطيع أن يقول: إننا يجب علينا أن نوصد الأبواب أمام كل ما جاءنا من الخارج ـ ولا نستطيع ـ ولا أن نصم الآذان ونعمى العيون أمام الفكر الإنساني، فالإنسان منذ هبط على الأرض يتبادل المعرفة والخبرة حتى مع الحيوان، فقضية الغراب الذي كان يبحث في الأرض فأخذ عنه أحد الأخوين كيف يوارى سوأة أخيه معروفة, ولكن الحوار ليس الانهزام، وليس الاستسلام والخضوع، وليس التبعية الذليلة.

فيجب على علماء هذه الأمة ومفكريها أن يدفعوا عن دينهم، عن فكرهم، عن حضارتهم، عن عقيدتهم، عن أمتهم، عن شخصيتهم المتميزة، عن مثلهم وأخلاقهم وعاداتهم الطيبة, عليهم أن يضعوا كل ما يرد عليهم في مختبر التجربة، وتحت مجهر العقل، وعلى موازين الإسلام، موازين القسط، ليميزوا ما هو مفيد ومربح فيضاف إلى الفكر الإسلامي وتراثه العظيم الذي خلَّفه السلف الصالح، وما هو ضار ومؤذ فيلغى ويبعد لحماية المجتمعات والحضارة الإسلامية من شروره. فهذا واجبهم الأول: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (١) .

وكثيرًا ما أتساءل، لماذا نتدافع عميًا، بكمًا، صمًّا، وراء الحضارة الغربية المادية ونأخذ أسوأ ما فيها، نأخذ إلحادها، نأخذ فصلها الدين عن الدولة وما يترتب عليه فساد كل وسائل التربية والتعليم والإعلام، نأخذ عنها الانحلال الأخلاقي، وتفكك الأسرة وغير هذا من المفاسد.

هل نحن المسلمين نحتاج إلى هذا؟ وهل من مصالحنا أن نصل إلى ما وصلوا إليه من الانهيار الخلقي، أليس الانهيار الخلقي يمثل عفونة الحضارات، وعلامة انحدارها إلى السقوط. أترضون أن يصل المجتمع الإسلامي إلى الحالة التي ساقها الدكتور كشاط مدير المركز الثقافي لمسجد الدعوة في فرنسا، ونقلها من دراسات وبحوث غربية، وساهم بها في ملتقى الفكر الإسلامي الثالث والعشرين في مدينة تبسه بالجمهورية الجزائرية سنة ١٤١٠ هـ / ١٩٩٠م، وعنوانها: (حقائق عن المجتمع الغربي للاعتبار) . فإليكموها للاعتبار أيضًا فإنها تلقى الضوء على حياة من يراهم البعض منا مُثُلًا عليا.

يقول الباحث: (وحتى لا نبخس المجتمع الغربي أشياءه ـ إذ البخس بصورتيه الأدبية والمادية رذيلة يتنزه المسلم عن مقارفتها ـ فإننا نحيل الكلمة إلى مفكرين غربيين، فإنهم أعرف الناس بمجتمعاتهم ... وكانوا بمأمن عن الاتهام) . وجاء في الاستفتاء الذي أجرته (اليونسكو) بأن ٦٠ % من الزوجات الأمريكيات والأوربيات يشعرن بخيبة، ويقض مضجاعهن الشقاء, وهل تعلم أن أعلى نسبة طلاق في العالم هي من نصيب الولايات المتحدة الأمريكية! وهل تعلم أن في مقاطعة لوس أنجلوس تحدث حالة طلاق مقابل كل حالة زواج!. وهل تعلم أن عدد الأطفال اللاشرعيين قد أصبه ثلاثة أضعاف الأعداد التي سجلت سنة ١٩٣٨! وهل تعلم أن الولايات المتحدة الأمريكية تستقبل سنوياُ ٤ ملايين من الأطفال اللاشرعيين!. قالت مجلة لايف: لقد ضربت نسبة الطلاق في الولايات المتحدة الأمريكية رقمًا قياسيًّا، فكلما دار عقرب الساعة ٩٠ ثانية هوى بيت أمريكي.


(١) سورة آل عمران: الآية ١٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>