للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد استعرضنا لهذه اللقطات ... ألا يحق لنا أن نعتبر المجتمع الغربي مجتمعًا مجرمًا؟ بلى إنه مجتمع مجرم. إنه خروج على الفطرة، ولكن الفطرة تنتقم لنفسها، وإنه مما لا ريب فيه أن الوباء الذي يعرف بـ (السيدا = الإيدز) يعبر عن انتقام الفطرة, وياله من انتقام ...

إن الذي يرصد أحوال المجتمع الغربي يلاحظ بأنه مجتمع غير مطمئن وينجلي عدم اطمئنانه في البحث عن مخرج من هذا الطريق المسدود، ولكنه قد ضل سواء السبيل. ويكفي أن نذكر لكم هذه الحقائق المتمثلة في انتشار الخرافة والشعوذة التي اجتاحت فرنسا بلد ديكارت:

عدد الأطباء: ٤٩.٠٠٠

عدد العرافين: ٤٠.٠٠٠

عدد الرهبان: ٣٨.٠٠٠

عدد السحرة: ٣٠.٠٠٠

عدد المعالجين الطبيعيين: ٣٠.٠٠٠

ما هي العبرة التي نستمدها من عرضنا لهذه الحقائق على المجتمع الغربي؟

١- إن أي مجتمع لا يمكنه أن ينعم بالسعادة إلا إذا صاغ حياته وفق المثل الإنسانية الرفيعة والمنبثقة من تعاليم السماء. قال رئيس بلدية مدينة كيفلند الأمريكية: إذا لم نكن واعين فسيذكرنا التاريخ باعتبارنا الجيل الذي رفع إنسانًا إلى القمر، بينما هو يغوص إلى ركبتيه في أوحال القاذورات.

٢- إن المسلمين وحدهم الذين لديهم رصيد من القيم السماوية إذ هم الأمة التي مازالت تحتفظ بالوحي ممثلًا في مصدرية الأصليين: الكتاب والسنة. أهـ.

أعود فأقول، لماذا نتدافع وراء الغرب؟ ونمكن له السيطرة الكاملة في كل مجرى من مجارى حياتنا فكريًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وحضاريًّا وأخلاقيًّا، لماذا نسلم له قيادتنا وتوجيهنا لقمة سائغة؟ شيء محير!! أمه مسلمة ذات عقيدة إلهية، ذات كتاب محفوظ مصان من خالق الأرض والسماء، ذات رسول كريم يقودها إلى المحجة البيضاء، وترك لهم ما إن تمسكوا به لن يضلوا (كتاب الله وسنة نبيه) , أمة ذات شريعة ونظام هي نفسها عين موازين القسط، تقوم عليها الحياة الفاضلة المزدهرة، حياة متوازنة: (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا) .

إذا كان العقلاء من الغربيين أنفسهم يستغيثون من الأوحال التي تردت فيها حضارتهم المادية اللادينية، فهل من العقل أن تسير وراء شخص فيقع في حفرة عميقة فيها هلاكه، وأنت تراه وترى الحفرة، فتقع بدورك في الحفرة؟! {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} (١)

, وفي الواقع إن فيضان الغزو الثقافي اقتلع الإيمان من بعض القلوب ومسخ بعض الناس. فوقعوا فريسة للغزو الغربي فأصبحوا أداة طيعة في أيدي الغزاة يحركونهم حسب رغباتهم ويتصرفون بهم في مصائر الشعوب الإسلامية، يخدمونهم بلا وعى فيما يبدو.


(١) سورة الحج: الآية ٤٦

<<  <  ج: ص:  >  >>