للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادة مورو بيرجر، يقول الكاتب الأمريكي مورو بيرجر في كتابه: (العالم العربي اليوم) كلامًا خطيرًا، خطورة حقيقية، خطورة وباء ينتشر ويكتسح الأخضر واليابس، يكتسح ما تبقى من فكرنا ومثلنا وحضارتنا وشخصيتنا الإسلامية، بعد اكتساحه لتاريخنا الإسلامي، بتشويهه وتلطيخه بالمفتريات والمَيْنِ، ليزيل كل احترام وتقدير وافتخار به من قلوب الناشئة، فتفصل عن جذورها فتهيم في خواء حضاري عقائدي، فيلتقطها ويغرسها في أوحال حضارة قذرة، رأيتم منذ قليل النزر اليسير من الأمثلة لما تعوم فيه من وحل القاذورات.

يقول: (فبينما يترك الحكام الغربيون منطقة الشرق الأدنى تتحول هذه المنطقة فتصبح أكثر غربية. ويواجه الزعماء العرب طريقين فهم يطردون الغرب سياسيًّا، ويسحبون الكتل الشعبية إلى الغرب ثقافيًّا) . إذا قلت ثقافيًّا عنيت الإنسان كله, فالكائن البشرى وعاء, والوعاء يرشح بما فيه, ولم يقل هذا الأمريكي إلا حقًّا وليس قوله مبالغة. ومقالته هذه تنطبق على كل العالم الإسلامي، والمشاهد اليوم يؤكدها.

فإذا كانت مناهج التعليم والتربية وكل وسائل الإعلام قد سيطر عليها قوم تنكبوا طريق الإسلام، وشعروا بالدون نحو الغرب، وقاموا عنه بتمكين فكره وثقافته وحضارته في الناس، ونقشها في عقول الطفولة، وتعدوها بالرعاية في مرحلة الشباب. ماذا ترجون بعد ذلك؟

المحير في مشكله الصدام الفكري الحضاري مع الغرب يتمثل في موقف الذي يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي أعدائهم، الذين يمكنون الغزاة بالسيطرة على مصائر شعوبهم وأمتهم وتحطيم عقيدتهم وفكرهم، وترويج أكاذيب ومفتريات على تاريخهم وحضارتهم، فالغرب لولاهم ما تمكن من إشاعة الفوضى والتفرقة في صفوف المسلمين، الغرب لولاهم ما تمكن ممن تشويه فكر الإسلام: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآَيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ}

(١) .


(١) سورة آل عمران: الآية ١١٨

<<  <  ج: ص:  >  >>