للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورجح صاحب جمع الجوامع رأي الفريق الأول وقال: تقسيم البيضاوي وغيره الحكم إلى الرخصة والعزيمة أقرب إلى اللغة من تقسيم الرازي وغيره الفعل الذي هو متعلق الحكم إليها (١) .

وبيان ذلك أنه يلزم من تقسيم الفعل الذي هو متعلق الحكم إلى رخصة وعزيمة أن ينقسم الحكم أيضا إلى رخصة وعزيمة؛ فإن الحكم المتغير من عسر إلى يسر هو صفة الفعل الذي هو موصوفه ومتعلقه، وهو فعل المكلف. فتقسيم الفعل هنا إلى رخصة وعزيمة كتقسيم الفعل الذي هو متعلق الحكم إلى واجب ومندوب وأخواتهما (٢) . واختلفوا أيضا في اندراجها في الحكم التكليفي أو في الحكم الوضعي فالآمدي وابن الحاجب يريان أنهما من خطاب الوضع، والغزالي وصاحب الحاصل والبيضاوي قالوا: إنها من أقسام الحكم التكليفي.

وحجة من أدرجها في خطاب الوضع أن الرخصة في حقيقة أمرها: وضع الشارع وصفًا من الأوصاف سببا في التخفيف، وأما حجة من أدرجها في خطاب التكليف قال: إن الرخصة تحمل معنى التخيير، ورجح الزركشي في البحر هذا الرأي وقال: إن الرخصة من خطاب الاقتضاء، ولهذا قسموها إلى واجبة ومندوبة ومباحة (٣) .

وفيما يلي بعض تعاريف الرخصة؛ فقد ذكر الآمدي والزركشي وغيرهما جملة من التعريفات نورد بعضا منها، ثم نختار التعريف المناسب منها:

أولاً – الآمدي:

قال: أما في الشرع فقد قيل: الرخصة ما أبيح فعله مع كونه حرامًا.

وقيل: ما رخص فيه مع كونه حرامًا.

وقال أصحابنا: الرخصة ما جاز فعله لعذر مع قيام السبب المحرم.

ثم نقد هذه التعاريف وقال عن الأول: وهو تناقض ظاهر، وعن الثاني بأنه عرف الرخصة بالترخيص المشتق من الرخصة، وهو غير خارج عن الإباحة فكان في معنى الأول.


(١) البحر المحيط للزركشي: ١ / ٣٢٧؛ نهاية السول شرح منهاج الأصول للإسنوي ١ / ١٢٩؛ الأحكام للآمدي: ١ / ١٠٠؛ القواعد والفوائد الأصولية للبعلي ص ١١٦؛ التمهيد للإسنوي ص ٧٠.
(٢) سلم الوصول للشيخ المطيعي حاشية نهاية السول: ١ / ١٢٩.
(٣) البحر المحيط: ١ / ٣٢٧، إضافة إلى سلم الوصول للشيخ المطيعي حاشية نهاية السول: ١ / ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>