الأول: الحكم الثابت بدليل راجح في مقابلة حكم ثبت بمرجوح؛ فإن المرجوح لا يسمى دليلا وحينئذ فالحكم الثابت بالدليل الراجح لا يسمى رخصة؛ لأنه لم يثبت على خلاف الدليل مثل إيجاب الوضوء من مس الذكر مع عدم إيجاب الوضوء منه لحديث ((إن هو إلا بضعة منك)) فإيجاب الوضوء لا يسمى رخصة؛ لأن عدم الوضوء ثبت بدليل مرجوح.
الثاني: الحاكم الثابت بدليل ناسخ لحكم ثبت بمنسوخ فإن المنسوخ لا يسمى دليلا مثل إيجاب ثبات الواحد من المسلمين أمام اثنين من الكفار في الحرب؛ فإنه ثبت بقوله تعالى:{الْآَنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}[الأنفال: ٦٦] وهذا الدليل الناسخ لوجوب ثبات الواحد أمام العشرة، فإيجاب ثبات الواحد أمام الاثنين لا يعتبر رخصة؛ لأنه لم يثبت على خلاف الدليل.
الثالث: الأحكام الثابتة على وفق الدليل مثل إباحة الأكل والشرب أو النوم؛ فإنه لم يثبت دليل على منع هذه الأشياء حتى تكون إباحتها ثابتة على خلافه فمثل هذه الأحكام لا تسمى رخصة.
وقوله:" لعذر " يعني المشقة والحاجة أو الضرورة فلا يدخل المانع في العذر كالحيض؛ لأن المشروعية لا تتحقق معه، فلا يسمى إسقاط الصلاة عن الحائض رخصة؛ لأن الحيض مانع من المشروعية، كما يخرج بهذا القيد التكاليف كلها كالصلاة والصوم والزكاة والحج؛ فإنها أحكام ثابتة على خلاف الدليل، ومع ذلك ليست برخصة؛ لأنها لم تثبت لأجل المشقة وإنما ثبتت بأدلتها الخاصة على خلاف الدليل، وهو الأصل والأصل من الأدلة الشرعية (١) .
(١) نهاية السول في شرح منهاج الأصول للإسنوي: ١ / ١٢٠.