للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني

أنواع الرخصة

للعلماء وجهات مختلفة في تقسيم الرخصة فمنهم من نظر إلى حكم الرخصة فقسمها من هذا الاعتبار إلى عدة أقسام ومنهم من نظر إلى ما يصدق عليه اسم الرخصة فقسمها إلى قسمين: رخصة حقيقية، ورخصة مجازية.

أما الفريق الأول فقد تباينت آراؤهم في تقسيم الرخصة من حيث النظر إلى حكمها، فمنهم من قسمها إلى ثلاثة أقسام ومنهم من زاد على هذا العدد ومنهم من نقص، ولما كان الكلام يتشعب لدى هذا الفريق فنرجئ الكلام عليه بادئين بتقسيم الفريق الثاني، وهم جمهرة الحنفية، ويتفق معهم نفر من غيرهم كالإمام الغزالي.

قسم الحنفية الرخصة إلى أربعة أنواع:

نوعان يطلق عليهما اسم الرخصة حقيقة، وأحدهما أحق باسم الرخصة من الآخر. ونوعان يطلق عليهما اسم الرخصة مجازًا، وأحدهما أتم في المجازية أي أبعد عن حقيقة الرخصة من الآخر.

النوع الأول: الذي هو رخصة حقيقية وهو – أحق بكونه رخصة – ما أباحه الشارع مع قيام الدليل المحرم وحكمه الذي هو الحرمة معا.

مثاله: إجراء كلمة الكفر على اللسان مع الإكراه عليه بالقتل، ومثل هذا ما كان من العبادات مفروضا عينا كالصلاة والصوم الفرض، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ففي هذه الصور أباح الشارع العمل بالرخصة حقيقة بفعل ضدها لكن إذا أخذ ب العزيمة وبذل نفسه كان أولى؛ لأنه لو لم يرخص للمكره في هذه الحالة لزم أن يفوت حق العبد صورة ومعنى بهلاكه، أما في حالة الأخذ بالرخصة فإنه يفوت حق الله تعالى صورة بإجراء كلمة الكفر على اللسان، ولا يفوت معنى؛ لأن قلبه مطمئن بالإيمان.

حكم هذا النوع: الأخذ بالعزيمة في هذا النوع وبذل النفس حسبة لله تعالى في دينه أولى ويثاب لقيام الحرمة ودليلها ولكن يباح له العمل بالرخصة حقيقة بفعل ضدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>