للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يكون الحكم الأصلي الكراهة كترك صلاة الجماعة؛ فإن حكم تركها الكراهة الصعبة لما في الاجتماع عليها من إظهار شعائر الإسلام، ولكن يباح تركها لمرض أو نحوه (١) .

ويقسم البعلي من الحنابلة الرخصة إلى أقسام يتفق مع الشافعية في الأقسام السابقة ويزيد حكما آخر وهو الكراهة قال: ومن الرخص ما هو مكروه كالسفر الترخيص (٢) ومثل له السيوطي كالقصر في أقل من ثلاثة مراحل (٣) . ومن الرخص ما لا يباح ولا يرخص أصلا لا بالإكراه ولا بخلافه بل هو حرام كقتل المسلم، أو قطع عضو منه، وضرب الوالدين (٤) .

وقال الزركشي: جميع الأصوليين يقسمون الرخصة إلى الأقسام الثلاثة المذكورة. وكان بعض الفضلاء يثير في ذلك بحثا، وهو أنه إما أن يكون مقصودهم ذكر ما وقع به الترخيص، أو ذكر الحالة التي صارت إليها العبادة بعد الترخيص، فإن كان الأول فالظاهر أن الرخصة إنما هي مجرد الإحلال، لأن الإحلال هو الذي جعل له التيسير والسهولة وكون ذلك الذي حل يعرض له أمر آخر يصيره واجبا ليس في الرخصة في شيء، فالترخيص للمضطر من أكل الميتة إنما هو إحلالها بعد أن كانت حراما، وكونها يجب عليه أمر آخر نشأ عن وجوب حفظ النفس فلا يكون عذر التحقيق إلا بمجرد الإحلال.

وإن كان مرادهم ذكر الأحوال التي صارت إليها العبادة بعد الترخيص فتقسيمها إلى ثلاثة فيه نظر، فإنها تنقسم إلى أربعة عشر نوعا؛ لأن الأحكام خمسة. وكل منها إذا صار إلى حكم آخر يخرج منه خمسة أقسام في الخمسة السابقة، فهي خمسة وعشرون قسما، يسقط منها انتقال كل حكم إلى نفسه فهو محال؛ صارت عشرين. يسقط منها الترخيص في المباح إلى الأربعة وهو محال؛ لأنه لا شيء أحق من الإباحة، فلا رخصة فيها؛ صارت ستة عشر. ويسقط منها تخفيف المستحب إلى الواجب فإنه لا تسهيل فيه، وكذلك تخفيف المكروه إلى الحرام محال أيضا فيبقى أربعة عشر قسما.


(١) غاية الوصول شرح لب الأصول ص ١٨. وجمع الجوامع ١ / ١٢٢.
(٢) القواعد والفوائد شرح لب الأصول ص ١٨. وجمع الجوامع ١ / ١٢٢.
(٣) الأشباه والنظائر ص ٨٢.
(٤) شرح الأتاسي على المجلة ١ / ٥٥، ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>