للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى الإباحة:

ويقصد الشاطبي بالإباحة أحد معنييها وهو رفع الحرج، ولا يقصد المعنى الآخر وهو التخيير بين الفعل والترك، ويستدل على ما ذهب إليه بجملة من النصوص الدالة على الرخص، وما تدل عليه ظواهر هذه النصوص، فيقول: فالذي يظهر من نصوص الرخص أنها بمعنى رفع الحرج لا بالمعنى الآخر، وذلك ظاهر في قوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: ١٧٣] وقوله في الآية نفسها: {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: ١٧٣] فلم يذكر في ذلك أن له الفعل والترك، وإنما ذكر أن التناول في حال الاضطرار يرفع الإثم وكذلك قوله: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥] ولم يذكر لفظا يدل على التخيير بين الفعل والترك، بل ذكر نفس العذر، وأشار إلى أنه إن أفطر فعدة من أيام أخر وكذلك قوله {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: ١٠١] ولم يقل: فلكم أن تقصروا، أو فإن شئتم فاقصروا.

ويستطرد في سوق الأدلة على أن التخيير غير مراد وأن الجمهور أو الجميع يقولون: من لم يتكلم بكلمة الكفر مع الإكراه مأجور وفي أعلى الدرجات، والتخيير ينافي ترجيح أحد الطرفين على الآخر (١) .


(١) الموافقات ١ / ٣١٨، ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>