للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً – قاعدة " المشقة تجلب التيسير:

الأصل في هذه القاعدة قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] وقوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] وقوله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت بالحنيفية السمحة)) – رواه أحمد في المسند من حديث جابر بن عبد الله وأخرج أحمد في مسنده والطبراني والبزار وغيرهما عن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله، أي الأديان أحب إلى الله، قال: ((الحنيفية السمحة)) . وأخرجه البزار من وجه آخر بلفظ: ((أي الإسلام)) . وروى الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ((إن أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة)) .

وروى الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة وغيره: ((إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)) وحديث: ((يسروا ولا تعسروا)) .

وروى الشيخان عن عائشة رضى الله عنها ((ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين، إلا اختار أيسرهما، ما لم يكن إثما)) .

قال العلماء: يتخرج على هذه القاعدة جميع رخص الشرع وتخفيفاته، وعقب واضعوا مجلة الأحكام العدلية على هذه المادة: يعني أن الصعوبة تصير سببا للتسهيل ويلزم التوسيع في وقت المضايقة، ويتفرع عن هذا الأصل كثير من الأحكام الفقهية كالقرض والحوالة والحجر والوصية والسلم والإقالة والرهن والإبراء والشركة وغير ذلك، وما جوزه الفقهاء من الرخص والتخفيفات في الأحكام الشرعية مستنبط من هذه القاعدة.

ويقول السيوطي في الأشباه وكذا ابن نجيم: أسباب التحقيق في العبادات وغيرها سبعة:

الأول: السفر قال النووي ورخصه ثمانية: منها ما يختص بالطويل قطعًا وهو القصر والفطر والمسح أكثر من يوم وليلة. ومنها ما لا يختص به قطعًا وهو ترك الجمعة وأكل الميتة. ومنها ما فيه خلاف والأصح اختصاصه به وهو الجمع. ومنها ما فيه خلاف والأصح عدم اختصاصه به وهو التنفل على الدابة وإسقاط الفرض بالتيمم.

الثاني: المرض، ورخصه كثيرة: التيمم عند مشقة استعمال الماء، والقعود في صلاة الفرض والتخلف عن الجماعة والجمعة، والفطر في رمضان، والانتقال من الصوم إلى الإطعام في الكفارة، والاستنابة في الحج وفي رمي الجمار، وإباحة محظورات الإحرام مع الفدية، والتداوي بالنجاسات وبالخمر على وجه، وإساغة اللقمة إذا غص بالاتفاق، وإباحة النظر للطبيب حتى العورة والسوأتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>