للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلفوا فيمن التزم مذهبا معينا كمالك والشافعي واعتقد رجحانه من حيث الإجمال فهل يجوز أن يخالف إمامه في بعض المسائل ويأخذ بقول غيره من مجتهد آخر؟ على ستة مذاهب حكاه الزركشي في البحر (١) أصحها الجواز لأن الصحابة لم يوجبوا على العوام تعيين المجتهدين والثالث أنه كالعامي الذي لم يلتزم مذهبا معينا (٢) . وقال صاحب تيسير التحرير: بل قيل: لا يصح للعامي مذهب لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر وبصيرة بالمذاهب أو لمن قرأ كتابا في فروع مذهب وعرف فتاوى إمامه وأقواله، وإلا فمن لم يتأهل لذلك بل قال: أنا حنفي أو شافعي لم يعد من أهل ذلك المذهب بمجرد هذا (٣) .

ب- وأما أن يكون ذا نظر وبصر بالمذاهب لم يبلغ به مرتبة الاجتهاد فإن هذا الصنف إذا تمذهب بمذهب إمام معين كان معنى هذا أنه متبع له في المعرفة والاستدلال وفي العمل إذا ما دعت إليه الحاجة، ولا يلزمه ذلك بالتزام هذا المذهب بعينه بل له الانتقال عنه كلية أو في بعض الأحكام، وقد نقل عن كثير من العلماء تحولهم عن المذاهب المقلدين لها إلى الأخذ بغيرها، فليس من واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولم يثبت أن الله أوجب على أحد من الناس التمذهب بمذهب رجل معين من الأمة بحيث يقلده في دينه في كل ما يأتي ويذر دون غيره.

قال الإمام صلاح الدين العلائي: والذي صرح به الفقهاء مشهور في كتبهم جواز الانتقال في آحاد المسائل والعمل فيها بخلاف مذهبه إذا لم يكن على وجه التتبع للرخص.

وقيل: الملتزم كمن لم يلتزم بمعنى أن عمل بحكم تقليد المجتهد لا يرجع عنه عن ذلك الحكم أما في غير ذلك الحكم فله تقليد غيره من المجتهدين (٤) .

ويتخرج على القول بجواز اتباع غير مقلده الأول جواز اتباعه رخص المذاهب وهو ما ألمحنا إليه في الفصل الرابع.


(١) ٦ / ٣٢٠، ٣٢١
(٢) تيسير التحرير ٤ / ٢٥٣. البحر المحيط ٦ / ٣٢.
(٣) ٤ / ٢٥٣.
(٤) تيسير التحرير ٤ / ٢٥٣، ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>