للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السادس

في ترجيح ما هو أحق بالاتباع في العصر الحاضر

أهمية هذا النوع من التلفيق:

إن الزمان تغير تغيرًا عظيمًا وإن الحياة الاجتماعية تطورت تطورًا واسعًا وإن المصالح قد تضاربت وتشابكت وإن الأوضاع المستحدثة قد كان من ورائها مشكلات متكاثرة، هي أحوج ما تكون إلى المواجهة السريعة التي ترعى المصالح أتم رعاية وترفع الحرج وتستنبط الحلول الميسرة في نطاق الفقه الإسلامي.

وإن في الفقه الإسلامي كنوزًا عظيمة ترتفع فوق كل تقويم، وفيه ثروة ضخمة لا تدانيها أي ثروة فقهية أخرى، وفيها الكفاية وما هو فوق الكفاية للوصول إلى شتى المقاصد والغايات إذا أحسن استعمالها، ولن يتم ذلك إذا وقفنا عند أحكام مذهب بعينه، ولن يكون إلا إذا كان التخير من أحكام المذاهب المعتبرة فهذا يحقق المصالح ويهدي إلى الحلول الموفقة وهو في الوقت نفسه يقي الفقه الإسلامي شر المزاحمة العاتية والصراع العنيف مع الشرائع الوضعية، ويحمي الأقطار الإسلامية من الاستعمار التشريعي الذي تغلغل في أحشائها جميعها.

وإن تخير الأحكام على النحو الذي ذكرت يختلف عن التلفيق في التقليد عملا وما ثار حوله من جدل حتى لو قيل إنه منه فإن المسألة خلافية، وليس العمل بقول المانعين أولى من العمل بقول المجوزين ولكل دليله، وإن رعاية المصلحة للأفراد والجماعة المسلمين مطلوبة وفيها الخير كل الخير للإسلام والمسلمين، وإن هذا التخير لا يكون له صفة الإلزام إلا إذا أمر ولي الأمر باتباعه وأمره مرجح قوي، ولذلك وجبت طاعته فيما يأمر به متى كان في صالح الرعية ووفق ضوابطها الشرعية.

والله سبحانه وتعالى أعلم

د. عبد الله محمد عبد الله

<<  <  ج: ص:  >  >>